[هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تدبر القراءة في الصلاة]
٢٨١ - وعن حذيفة رضي الله عنه قال:"صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فما مرت به آية رحمة إلا وقف عندها يسأل ولا آية عذاب إلا تعوذ منها". أخرجه الخمسة، وحسنه الترمذي.
هذا الحديث قد رواه مسلم رحمه الله، وكان ينبغي للمؤلف رحمه الله أن يذكر أن الذي رواه مسلم في صلاة الليل، قال:"صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ... " ثم ذكر الحديث، وأنه قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران يقرؤها مترسلًا عليه الصلاة والسلام فما مرت به آية رحمه إلا سأل ولا آية وعيد إلا تعوذ ولا آية تسبيح إلا سبح هكذا في مسلم وليت المؤلف ساق رواية مسلم لكان فيها زيادة على ما ساقه الآن وهو أيضًا أصح ممن خرجه فإما أن يكون المؤلف رحمه الله في تلك الساعة لم يستحضر رواية مسلم أو لسبب ما ندريه، على كل حال: الحديث في مسلم يقول: "صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم" يعني: صلاة الليل، وقد صلى حذيفة وابن عباس وابن مسعود كلهم صلوا مع الرسول صلى الله علي وسلم صلاة الليل لكن في ليال مختلفة وقوله "فما مرت به آية رحمة إلا وقف عندها يسأل" آية رحمة يعني مثلًا: {وقُل رَّبِّ اغْفِرْ وارْحَمْ وأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١١٨)} {المؤمنون: ١١٨].
فيقف ويقول:"رب أغفر لي وارحمني"، {واعْفُ عَنَّا واغْفِرْ لَنَا وارْحَمْنَا}[البقرة: ٢٨٦] هذا دعاء يقول: "آمين"، "ولا آية فيها عذاب إلا تعوذ منها" أي: من العذاب، وليس من الآية، يقول: أعوذ بالله مثل: {والَّذِينَ كَفَرُوا وكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَحِيمِ} فقول: أعوذ بالله ولا آية تسبيح إلا سبح مثل: {فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ} يقول: "سبحان الله"، لكن (ٍسبح اسم ربك العظيم)، و (سبح اسم ربك الأعلى)، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نجعل في ركوعنا:"سبحان ربي العظيم" وفي سجودنا: "سبحان ربي الأعلى"، وهذا لا يمنع أن نسبح حتى عند انتهاء القراءة.
ففي هذا الحديث فوائد منها: جواز الجماعة في النافلة في البيت، والدليل: فعل حذيفة، أو إقرار الرسول؟ إقرار النبي صلى الله علي وسلم، وهل هذا يعني سنة، بمعني: إذا اجتمع جماعة في بيت عزاب، قالوا: سنجعل لأنفسنا صلاة ليل نتهجد فيها جميعًا، أو أن هذا أحيانًا إذا وجد ضيفًا أو ما أشبه ذلك يقوم صاحب البيت معه في صلاة الليل؟ الجواب: الثاني، أما اتخاذ ذلك راتبة فلا، لكن أحيانًا لسبب لا بأس بذلك لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي إذا مرت بالمصلي آية رحمة أن يسأل، أو آية عذاب أن يتعوذ، أو آية تسبيح أن يسبح، دليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله، وكان يقول: "صلوا كما