للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: إذا كان خلف إمام يصلي جالسا من أول صلاته فإنه يصلي جالسا ويتربع، في القيام قبل الركوع واضح أنه يتربع في القيام بعد الركوع يتربع أيضًا لأنه قيام وإن كان قصيرًا لكنه يتربع في حال الركوع.

قال الفقهاء- رحمهم الله-: إنه يثني رجليه؛ أي: يكون جلوسه كالجلوس بين السجدتين في هذا الركوع لكن هذا فيه نظر، والصواب أنه يبقى متربعا؛ وذلك الراكع إذا كان قائما تبقى رجلاه منصوبتين كالقيام من قبل، وعلى هذا نقول: إذا تربع في حال القيام قبل الركوع فإنه يتربع في حال القيام بعد الركوع على القول الراجح، وأما بقية الجلسات فإنه إما مفترش وإما متورك

[الدعاء بين السجدتين]

٢٩١ - وعن ابن عباس رضي الله عنهم: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي، وارحمني، وأهدني، وعافني، وارزقني)) ١. رواه الأربعة إلا النسائي، واللفظ لأبي داود، وصححه الحاكم.

قوله رضي الله عنه: ((كان يقول بين السجدتين)) تقدم الكلام على ((كان)) وأنها تقتضي الاستمرار غالبًا، يقول: ((اللهم اغفر لي)) أي: يا الله اغفر لي، وماذا تعني كلمة اغفر لي؟ تعني شيئين:

الأول: ستر الذنوب عن العباد.

والثاني: التجاوز عنه فلا عقوبة، وإنما قلنا: إنها تعني الأمرين؛ لأن أصلها مأخوذة من المغفر، المغفر شيء يوضع على الرأس عند القتال ليتقي به المقاتل سهام العدو، فهو جامع بين الستر والوقاية، وقوله: ((وارحمني)) يعني: أفض على من رحمتك حتى يزول المكروه بالمغفرة ويحصل المطلوب بالرحمة.

فإن قال قائل: أليس المغفور له مرحومًا؟

فالجواب: بلى، لكن إذا اجتمعا افترقا.

((وارحمني وأهدني)) أي: هدايتين: هداية توفيق، وهداية العلم والإرشاد؛ لأن من الناس من يحرم الهدايتين، ومن الناس من تحصل له هداية العلم والإرشاد دون التوفيق، لكن إذا حصلت هداية التوفيق فالغالب أنها مصحوبة بهداية العلم، أنت إذا سألت الله أن يهديك ماذا تريد؟ الاثنين: هداية العلم والإرشاد وهداية التوفيق، هداية العلم والإرشاد لكل أحد، أوجب الله على نفسه أن يهدي عباده هداية إرشاد فقال عز وجل: {إن علينا للهدى} [الليل: ١٢]. جملة مؤكدة بإن واللام

<<  <  ج: ص:  >  >>