٥٩٠ - وعن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه، "أن امرأةً أتت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ومعها ابنةٌ لها، وفى يد ابنتها مسكتان من ذهبٍ، فقال لها: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرُّك أن يسوِّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما". رواه الثَّلاثة، وإسناده قويٌّ.
- وصحَّحه الحاكم من حديث عائشة.
يقول:"امرأة أنت .... " إلخ. "المسكتان" قال العلماء: هما السواران، وفي بعض ألفاظ الحديث:"مسكتان غليظتان".
وقوله:"من ذهب"، ومن هذه لبيان الجنس كما يقال: خاتم من ذهب، أو من حديد، أو ما أشبه.
وقوله:"أتعطين زكاة" هذا الخطاب للأم، ولم يسأل البنت، لأنها إما صغيرة طفلة، وإما صغيرة غير مميزة، وتكون وليتها أمها أو أبوها كما سيأتي في الفوائد.
فقال:"أيسرك أن يسورك الله بهما؟ " السرور معناه: الانبساط والفرح وما أشبه ذلك، وهو من المعاني النفسية التي لا يمكن تعريفها لأن المسائل النفسية لا يمكن للإنسان أن يعرفها أبدا مهما عرفتها فإنك تعرفها بآثارها، ولذلك لو قال لك قائل: ما هي العداوة؟ ما تعرفها بأوضح من لفظها. ما هي البغضاء؟ ما هي المحبة؟ ما تقدر؛ ولهذا نقول: إن المعاني النفسية لا يمكن أن تعرف بمثل ألفاظها، فالمعنى: هل تسرين بأن يسورك الله بهما سوارين من نار، يعني: تحبين ذلك وتسرين به. ما الجواب؟ لا، ولا أحد يسرّه أن يسوره الله يوم القيامة سوارا من نار، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى من قوله تعالى:{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم}[التوبة: ٣٤، ٣٥]. وفي الحديث الصحيح:"أن هذا المال يصفح صفائح من نار يكوى بها جنبه وجبينه وظهرها". هكذا أيضًا هذه الأسورة التي منعت ما يجب فيها تكون عليها يوم