ليس في استطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدركه فإنه حجة، وهذه اتخذوها حجة لكن كثيرا من العلماء - رحمهم الله- إذا احتج عليه أحد بكون هذا الشيء فعل في عهد الرسول: قال: من يقول: إن الرسول علم به فأقره. نقول: نحن نوافقك على هذا وإننا لا نجزم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم علم به فأقره إلا بدليل، لكن هب أن الرسول لم يعلمه فإن الله قد علم به، ولا يمكن أن يقر الله العباد على خطأ، ولهذا لما بيت المنافقون ما بيتوا فضحهم الله فقال:{يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا}[النساء: ١٠٨]. فهم لا يعلم بهم الرسول - عليه الصلاة والسلام- لكن علم بهم الله.
وعلى هذا فنقول: كل ما فعل في عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام- ولم ينكره الله فهو حجة؛ لأننا نعلم أن الله لا يقر العباد على ضلال وخطأ، لكن في قضيتنا هذه هل الغالب أن الرسول علم بأن اللعاب يسيل على كتفه أو لا؟ الغالب أنه علم لا شك.
فإذا قال قائل: هب أنه لم يعلم، وأن الله سكت عن ذلك، وهذا على الفرض الذي لا يمكن أن يقع فإن الأصل هو الطهارة، وليس بنا حاجة إلى أن نأتي بدليل إيجابي يدل على الطهارة، طهارة ريق البعير؛ لأن الأصل الطهارة لكنه لا شك أنه إذا جاء الدليل مقررا لأصل - كان ذلك أبلغ في الحجة، وهل نقيس على هذا، ونقول: كل حيوان حلال فريقه طاهر؟
الجواب: نعم.
وعلى هذا فنقول: كل حيوان حلال فإن جميع ما يخرج منه يكون طاهرا ما عدا الدم المسفوح؛ لأن الدم المسفوح بنص القرآن أنه رجس لكن غير ذلك طاهر، البعر طاهر، والبول طاهر، والريح طاهر،
والمخاط طاهر، أي: أن كل حيوان مباح الأكل فإن ما يخرج منه من فضلات تعد طاهرة ما عدا الدم لوجود الدليل فيه.
لأي مناسبة ساق المؤلف هذا الحديث؟ لأن الباب هنا باب إزالة النجاسة وبيانها، فأراد رحمه الله بسياق هذا الحديث أن لعاب الإبل ليس بنجس. ثم قال:
[طهارة المني]
٢٥ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل. متفق عليه.
- ولمسلم:"لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركا، فيصلي فيه".