للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "فوازينا" أي: قابلنا، "العدو"، وهم: الكفار المحاربون، "فصاففناهم" يعني: كنا صفا تجاههم.

"فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا، فقامت طائفة معه، وأقبلت طائفة على العدو، وركع بمن معه وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاءوا فركع بهم ركعة، وسجد سجدتين، ثم سلم، فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة، وسجد سجدتين"، هؤلاء من؟ هنا اختلف الحديث الثاني والأول، هذا الحديث لما صلى بالطائفة الأولى ركعة انصرفت الطائفة الأولى وهي على صلاتها، وقامت وجاه العدو وهي على صلاتها، ثم جاءت الطائفة الثانية فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم الركعة التي بقيت وسلم، ثم قاموا وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا وجاه العدو ورجعت الطائفة الأولى فأتمت لنفسها، فاختلف عن الأول اختلافًا عظيمًا، وفيه عن الأول أن الطائفة الأولى ذهبت تقاتل وهي على صلاتها مع أنها ستستدير القبلة وسيحصل منها أفعال كثيرة، ولكنه يرخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة، وفي هذا الحديث: دليل على أن الحركات الكثيرة في الصلاة لا تؤثر إذا كانت للضرورة، وقد سبق لنا تقسيم حركات الصلاة إلى خمسة أقسام منها: الجائز وهو الكثير للضرورة، ويدل لذلك قوله تعالى: } فإن خفتم فرجالًا أو ركبانًا {[البقرة: ٢٣٩].

ومن فوائد هذا الحديث الزائدة على ما سبق: أنه يجوز عدم استقبال القبلة أيضًا للضرورة؛ لأن هؤلاء استدبروا القبلة للضرورة، وكذلك يسقط استقبال القبلة إذا كان الإنسان عاجزًا عنها، وكذلك يسقط استقبال القبلة في التنفل في السفر على الراحلة أو راجلًا.

ويستفاد من هذا الحديث: أن الطائفة الثانية أتموا بعد سلام الإمام، والحديث الأول سلموا مع الإمام فأتموا قبل أن يسلم الإمام، ولا نظير لها في الحديث الأول، أما هذا فهو على القواعد: "ما فاتكم فأتموا"، الآن عندنا صفتان أيهما أرجح لو أراد الإنسان أن يرجح؟ الأولى أرجح؛ لأن لها ميزات؛ ولأن فيها سلامة من الأعمال الكثيرة التي في أثناء الصلاة؛ ولهذا قال الإمام أحمد: أما حديث سهل فأنا اختاره، إذن عندنا صفتان.

[الصفة الثالثة لصلاة الخوف]

٤٥٢ - وعن جابر رضي الله عنه قال: "شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخوف، فصففنا صفين: صف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وكبرنا جميعًا، ثم ركع وركعنا جميعًا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى السجود، قام الصف الذي يليه ... ". فذكر الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>