تفاضلت الأعمال لزم من ذلك تفاضل العامل فالناس طبقات حسب أعمالهم ودرجاتهم في الجنة درجات حسب أعمالهم.
ومن فوائد الحديث: منع تنزيل الحصن المحاصر على حكم الله لقوله: "فلا تفعل" ولكن هل هذا خاض زمن حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، لأن الإنسان لا يدري هل بقي الحكم أم نسخ أو أنه عام؟ لا شك أن القول بأنه خاص بحياة الرسول واضح، لأنه قد نسخ الأحكام قد يفارق أمير الجيش النبي (صلى الله عليه وسلم) على حكم ثم يتغير الحكم فلا يدري أيصيب أم لا وإذا قلنا: إنه عام نقول أيضًا حتى بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) لا تنزلهم على حكم اجتهادي، لأن الحكم الاجتهادي فيه الإصابة وفيه الخطأ لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله أجران"، أما ما كان معلومًا بدون اجتهاد فلا بأس أن تنزله على حكمك وعلى حكم الله أيضًا لأنه معلوم مثلاً إذا أنزلناهم على أن نأسرهم فإما منا بعد وإما فداء هل وافقنا حكم الله؟ نعم (حق إذا أتخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء} [محمد: ٤]، وعلى هذا فتكون العلة التي ذكرها النبي (صلى الله عليه وسلم): "فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا" العلة إذا انتفت انتفى الحكم فإذا كان الإنسان قد علم أنه أصاب فيهم حكم الله فإنه لا بأس أن ينزلهم على حكم الله.
ومن فوائد الحديث: أنه لا ينبغي للعالم أن يقول في حكم من الأحكام: حكم الإسلام في كذا وكذا لا تقل هكذا، لأنك قد تخطئ فينسب الخطأ إلى الإسلام، ولكن قيد فقل حكم الإسلام فيما أرى كذا وكذا، وبه نعرف تهاون بعض المتأخرين الذين تجد في كتبهم الإسلام يقول: كذا الإسلام يمنع كذا مع أن هذا المنع قول ضعيف في الإسلام ومع ذلك ينسبونه إلى الإسلام فيجب الحذر من مثل هذه الكلمات.
[التورية عند الغزو]
١٢١٩ - وعن كعب بن مالك (رضي الله عنه): "أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها". متفق عليه.
سبق لنا أن كلمة "كان" تفيد الاستمرار لكن لا دائمًا بل غالبًا، والدليل على أنها ليست دائمًا تفيد الاستمرار ما ود في الأحاديث في الصلاة:"كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقرأ في صلاة الجمعة بسبح والغاشية""وكان يقرأ بالجمعة والمنافقون""وكان يقرأ في العيدين بـ "ق" واقترتب" وكان يقرأ فيها بسبح والغاشية، كل هذا يدل على أن "كان" لا تفيد الاستمرار لكن إن وجد قرينة أفادت الاستمرار بهذه القرينة.