تتجلى بها إنكالات كثيرة، فكل الأسباب التي جعلها الله تعالى أسبابًا سواء كانت قدرية أم شرعية لابد من انتفاء موانعها وإلا فلا تكون أسبابًا.
[دعاء الصباح والمساء]
١٤٩٥ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح، يقول:"اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور"، وإذا أمسى قال مثل ذلك؛ إلا أنه قال:"وإليك المصير". أخرجه الأربعة.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى بهذا الدعاء صباحًا ومساءً، إلا أن الصيغة تختلف لاختلاف الزمان، "فإذا أصبح يقول"، "إذا أصبح" أي: دخل في الإصباح، وذلك بعد طلوع الفجر، يقول:"اللهم بك أصبحنا" يعني: أنت الذي أبقيتنا حتى أدركنا الصباح، "بك أصبحنا" باعتبار الجو والفلك، فالذي أتى بالإصباح الله، والذي أبقى الإنسان إلى الصباح الله، إذن فيكون معنى قوله:"بك أصبحنا" باعتبار بقاء الإنسان للصبح وباعتبار الإتيان بالإصباح، يقول الله عز وجل:{قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدًا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليلٍ تسكنون فيه}[القصص: ٧٢]. وقال الله عز وجل:{فالق الإصباح}[الأنعام: ٩٦]. إذن "بك أصبحنا" تشمل معنيين هما: إبقاء الإنسان إلى الصباح، والإتيان بالصباح؛ يعني: لولا أنت ما بقينا إلى الصباح، ولو أنت ما جاء الصباح.
"وبك أمسينا" نقول مثله، "وبك نحيا وبك نموت"، حياة الإنسان في الصباح أو في المساء أو فيما بين ذلك بالله عز وجل، لولا إمداد الله بالغذاء والهواء واللباس ما بقينا، فبقاؤك بالله عز وجل، وكذلك "وبك نموت" أنت الذي تميتنا.
فإن قال قائل: لو قتل الإنسان؟
فنقول: حتى إذا قتل، من أخرج روحه؟ الله عز وجل، وكم من إنسان أصيب في حادث مميت ومع ذلك يبقى الموت بيد الله والحياة بيد الله.
"وإليك النشور" يعني: نشور الخلائق يوم القيامة، ننشر إلى لله ونحشر إلى الله عز وجل، وذكر النشور هنا مناسب؛ وذلك لأن الإنسان إذا أصبح فقد بعث من موت، قال الله تعالى:{وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضي أجلٌ مسمىً}[الأنعام: ٦٠].