الحاكم هو الرسول صلى الله عليه وسلم أما نحن فلا ندري من الصواب معه! وإن كنا نرجح هذا، لكن لو قيل لك: تشهد أن هذا حكم الله؟ قلت علم اليقين لا أشهد لكن هذا الذي يترجح عندي أما أن أقول هذا هو الشرع علم اليقين لا لأن استدلالي إنما هو بعمومات وتعلمون أن العام دلالته على جميع أفراده ظنية لجواز التخصيص فالمسألة نفهمها نظرية ونقول لا يقع ونفهمها تطبيقيَّا، نقول من طلق ملتزمًا بذلك ومضت مدة فإننا نمضيه لكن لو أن إنسانًا طلق الآن في حيض أو في طهر جامع فيه ثم جاء يسأل، قلنا: لا طلاق عليك ويجب أن تردها؛ لأن الطلاق غير واقع فهي زوجتك وفي عصمتك.
١٠٢٩ - وفي روايٍة أخرى: قال عبد الله بن عمر: "فردَّها عليَّ، ولم يرها شيئًا، وقال: إذا طهرت فليطلِّق أو ليمسك".
قوله:"وفي رواية أخرى" ظاهر سياق المؤلف أنها في مسلم؛ لأنه قال:"وفي رواية لمسلم" ثم قال: "وفي رواية أخرى قال عبد الله: فردها عليَّ ولم يرها شيئًا"، ما معنى "ولم يرها شيئًا"؟ أي: لم يرها طلاقًا شرعيًا ولم يحتسبها طلقة هذا هو ظاهر اللفظ وهو نظير وهو نظير قول أم عطية كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئًا أي: حيضًا معتبرًا وهكذا نقول في هذه المسألة فردها علي ولم يرها شيئًا وكلمة "ولم يرها شيئًا" مرفوعًا صريحًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقوله- فيما سبق- "وحسبت تطليقه" فاعلها مجهول لا ندري من الحاكم؟ ولهذا رجَّح شيخ الإسلام هذه الرواية على الرواية الأولى، قال: لأن الرواية الأولى لا تقاومها لكونها مجهولة، أو لكون الحاسب فيها مجهولًا بخلاف هذا.
[اختلاف حكم الطلاق ثلاثة مجموعة في عهد عمر رضي الله عنه]
١٠٣٠ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكٍر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثَّلاث واحدةٌ، فقال عمر: إن النَّاس قد استعجلوا في أمرٍ كانت لهم فيه أناةٌ، فلو أمضيناه عليهم؟ فأمضاه عليهم". رواه مسلٌم.
قوله:"كان الطلاق على عهد رسول الله" هذه الصيغة يعدها علماء المصطلح من المرفوع حكمًا؛ لأنها لم تنسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إنما نسبت إلى عهده فهي مرفوعة حكمًا، وخلافة أبي بكر سنتان وأشهر، "وسنتين من خلافة عمر" أضافها إلى خلافة أبي بكر تكون أربع سنوات وأشهرًا، "طلاق الثلاث واحدة" الوجه النحوي أن يقال طلاق الثلاث واحدة، وتكون طلاق الثلاث بدلًا من الطلاق أو عطف بيان، يعني: كان طلاق الثلاث واحدة وما نوع هذا الطلاق