هذا مسألة الحجاب، الحجاب الآن لا شك أنه يجب على المرأة أن تغطي وجهها عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها، وأن هذا مقتضى الحكمة، وأنه ليس من مقتضى الحكمة إطلاقاً أن يقال للمرأة: يجب عليك أن تستري قدميك ولا يجب أن تستري وجهك أيهما أشد فتنة؟
الوجه أشد فتنة، وأولى بالستر، والإنسان إذا خطب امرأة لا يقول للغير: ابحث لي عن قدمها وإنما يقول: عن وجهها، أما القدم فهو أمر ثان، صحيح أنه يقصد أن يكون جميلاً لكنه ليس هو الأولى، فكيف يقال: إن الوجه الذي هو محل الرغبة ومحط الفتنة لا بأس من كشفه وأما القدم يجب أن تستر كيف تأتي الشريعة بهذا؟ فإذا قالوا: جاءت الشيعة بهذا من أجل أن تهتدي المرأة إلى طريقها قلنا: هذه علة عليلة، لأنه ممكن أن تهتدي إلى طريقها بالنقاب أو بالخمار تضعه على نصف الوجه مثلاً، وأما أن تكشف هذا الوجه هذا حرام، ثم إن المرأة في الحقيقة قاصرة إذا أذن لها في كشف الوجه أتظنون أنها ستقتصر على الوجه بطبيعتها؟
أبداً، هي تريد أن تكون زهرة تدخل على الوجه تحسينات تحمر الشفاة وتشجير الحواجب ومكاييج وهلم جراً وهذا شيء مجرب تسمع عنه كثيراً فلو لم يكن من القول بوجوب ستر الوجه إلا أنه سد للذريعة لكان كافياً.
[النهي عن الغضب]
١٤٣١ - وعنه رضي الله عنه، أن رجلاً قال:"يا رسول الله، أوصني. قال: لا تغضب، فردد مراراً وقال: لا تغضب". أخرجه البخاري.
هذا الحديث كان ينبغي أن يجعله المؤلف بعد قوله:"ليس الشديد بالصرعة" أوصاه الرسول قال: لا تغضب، والنبي صلى الله عليه وسلم يوصي كل إنسان بما يناسب حاله وهذا الرجل يظهر -والله أعلم- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف أنه يغضب، سريع الغضب، فلهذا لم يوصيه بتقوى الله ولم يوصه بترك الكذب ولم يوصه بكثرة الطاعة بل أوصاه قال:"لا تغضب" مما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن هذا الرجل كان غضوباً فقال له: "لا تغضب" ومعنى لا تغضب: ليس المعنى ألا تغضب، الغضب الطبيعي الذي لابد لكل إنسان منه فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن ينهي عن هذا وينزه كلامه صلى الله عليه وسلم عن هذا الإيراد! لكن يريد أحد أمرين إما أن المعنى لا تسترسل مع الغضب بل اكتمه بقدر الإمكان، وإما أن المعنى لا تنفذ مقتضى الغضب الأول واضح أن الإنسان يسترسل ويزداد غضباً وشيطة، وأما الثاني فينفذ مقتضى الغضب، وأما مجرد الغضب فلابد لكل إنسان حيي القلب أن يغضب عند وجود السبب ولا يمكن أن يتخلف غضبه.