ويدل لهذا أن الإنسان ينبغي له عند المناظر أن يتبع ما تنقطع به المجادلة أن إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- لما حاجه في ربه من حاجه قال إبراهيم:{ربي الذي يوحي ويميت قال أنا أحي وأميت}[البقرة: ٢٥٨]. لو قال إبراهيم: كيف تحيي وتميت؟ لصار يلتوي في جوابه ويحتاج إلى عناء في رده لكن إبراهيم عدل عن هذا إلى شيء لا يمكن العدول عنه, فقال إبراهيم:{فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب}[البقرة: ٢٥٨]. وحينئذ انقطع ما يمكن أن يجادل, ولهذا قال الله تعالى:{فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين}[البقرة: ٢٥٨]. فأنت إذا خفت من صاحبك الجدل لأن بعض الناس يجادل, بل الإنسان أكثر شيء جدلاً, ما يوجد في الحيوانات مثل الإنسان في المجادلة, هو أكثر شيء جدلاً, فتعمد إلى الأمر الذي تقضي عليه فيه بحيث لا يستطيع الحراك, فهنا جابر رضي الله عنه قال: قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم, وحينئذ نقول: إن هذا مستثنى من قوله: "نهى عن كل ذي ناب من السباع".
[حكم أكل القنفذ]
١٢٧٥ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما, أنه سئل عن القنفذ, فقال:{قل لا أجد في ما أوحي إلي محرمًا}[الأنعام: ١٤٥]. فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: "ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنها خبيثة من الخبائث. فقال ابن عمر: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا فهو كما قال". أخرجه أحمد, وأب داود, وإسناده ضعيف.
القنفذ: حيوان معروف, صغير يشبه الفأرة, وقد أعطاه الله عز وجل ثوب جلد من الشوك شوك شديد إذا أصابك يخرق جلدك ما دام مطمئنًا تجده يمشي على أرجله, وتجد طرف رأسه قد خرج يأكل من الأرض؛ فإذا أحس بأحد انطوى حتى يكون كالكرة تمامًا لا تجده؛ أي: منفذ كرة كاملة, لكنها كرة شوكية لا أحد يستطيع مسه يحتمي بذلك, وهذا من هداية الله له, يقولون: إنه يأكل الحية يمسكها من ذيلها. وهي 'ذا جاءت تلدغه وجدت شوكًا فلا تستطيع, لكن الحدية تغلب هذا القنفذ تأتي عليه, فإذا انطوى على نفسه أمسكت بذقنها إحدى الشوك وحملته إلى الجو ثم أطلقته, وصل الأرض وإذا هو قد داخ ما يستطيع أن يدافع أن ينطوي على نفسه فتمسكه فتأكله. فهذا القنفذ يقول: سئل ابن عمر هل هو حلال أو حرام؟ فاستدل بآية فقال:{قل لا أجد ... }[الأنعام: ١٤٥]. الآية {إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقًا أهل لغير الله به}[الأنعام: ١٤٥]. أربعة أمر الله نبيه أن يقول هذا, والآية في سورة الأنعام وهي مكية, أولاً: