الحق أن يطالب به فورًا؟ فإن سكت وترك فلا بأس، فلو اشتريت مني شيئًا بعشرة وسكتّ ولم أطالبك إلا بعد شهر أو شهرين أو سنة فهذا لا بأس؛ لأن الحق للبائع فإن طلبه فور انعقاد البيع فله الحق، أما إذا كان مؤجلًا فإلى أجله.
وفي الحديث من الفوائد: انعقاد العقود بما دلّ عليها؛ لأننا لم نجد في هذا الحديث لما قال:"خذ جملك ودراهمك فهو لك" لم نجد أن فيه تصريحًا بلفظ الهبة ولا تصريحًا بلفظ القبول، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما قال: وهبتك، وجابر لم يقل: قبلت، وهذا القول هو الراجح على أن العقود تنعقد بما دلّ عليها حتى النكاح؛ لأن اللفظ تعبير عما في النفس، فإذا دل اللفظ على ما في النفس بأي لغة كان، وبأي لفظ كان، وبأي أسلوب كان فإنه يكون صالحًا أن ينعقد به عقد، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في صفية أنه أعتقها وجعل عتقها صداقها، فلو قال الرجل لأمته: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك، صح العتق، وصح النكاح، مع أنه ليس فيه إيجاب ولا قبول، يعني: ليس فيه لفظ أنكحتك أو أنكحت نفسي أمتي، فدل هذا على أن العقود تنعقد بما دلّ عليها عرفًا؛ لأن هذا الخطاب يتعارف الناس مدلوله بينهم، فإن اختلف العرف فإنه يرجع في تعيين المراد إلى المتكلم، وهذا يقع كثيرًا خصوصًا في اللهجات، وأما إذا كان مطردًا فعلى ما تعارف الناس عليه، وفيه أن الملك ينقل إلى المشتري بمجرد العقد وهذا هو الأصل، ويتفرع على ذلك: أنه لو تلف فعلى المشتري ولو زاد فللمشتري.
جواز بيع المدبَّر إذا كان على صاحبه دين:
٧٥٣ - وعنه رضي الله عنه قال:"أعتق رجلٌ منَّا عبدًا له عن دبرٍ لم يكن له مالٌ غيره، فدعا به النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فباعه". متَّفقٌ عليه.
قوله:"أعتق"، ما هو العتق؟ العتق في الأصل: يطلق على عدة معانٍ، يطلق على القدم، ومنه قوله تعالى: {ثم محلُّها إلى البيت العتيق (٣٣)} [الحج: ٣٣]. أي: القديم؛ لأنه أول بيت وضع للناس، ويطلق على الجيد: كعتاق الإبل؛ أي: أجاويدها، ويطلق على تحرير الرقبة، وهو المراد هنا: تحرير الرقبة، يعني: تخليصها من الرق يكون الإنسان رقيقًا، فإذا حرره سيده قيل: أعتقه، العتق من أفضل الأعمال؛ فإن من أعتق عبدًا له أعتق الله به بكل عضو عضوًا من النار حتى الفرج