يوجد مرجح لا لهذا ولا لهذا، وقسمها بينهما نصفين ممكن بأن تباع العين المتنازع فيها أو تقوم ويأخذها أحدهما، ويمكن إذا كانت مما تؤكل أن تذبح وتقسم، لكن إذا أبيا أن تذبح لم يمكن عندنا إلا البيع أو التقويم، فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم بينهما.
فهذا الحديث فاصل بين المتنازعين من العلماء، حيث إن لهم في هذه المسألة أقوال، فمنهم من قال: إنه يقرع بينهما؛ لأن هذه الدابة ملك لواحد منهما فقط فهي إما لزيد وإما لعمرو ولا بينة فيقرع بينهما، فإن قال أحدهما: أنا أحلف وأبى الثاني أن يحلف فيقضى له بها -أي: للحالف-؛ لأنه ترجح جانبه باليمين ونكل صاحبه.
وقال بعض العلماء: تقسم بينهما على حسب البينة، وهذا يوافق ما روي عن علي رضي الله عنه فيما سبق فيما رواه البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يسهم بينهما، وهو أن يقال: إذا كان لأحدهما بينة بثلاثة وللاخر بينة وبأثنين تقسم أخماسا أسهم ثلاثة لمن بينته ثلاثة وسهمان لمن بينته سهمان.
ولكن إذا صح الحديث الذي ذكره المؤلف، والمؤلف يقول: إن إسناده جيد، إذا صح فإنه فصل النزاع، ولا قول لأحد بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يصح فالقرعة أقرب؛ لأنها حقيقة هي لواحد لا بعينها لم يدع كل واحد منهما أن نصفها له ادعى كل واحد أنها كلها له، وعلى هذا فلا طريق إلى فصل الخصومة بينهما إلا بالقرعة.
ولكن كما قلت لكم لا يمكن لأحد استبانت له السنة أن يعدل عنها إلى قول أحد كائنا من كان كما نقل ابن عبد البر إجماع العلماء على ذلك أن كل من استبانت له سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يحل له أن يعدل عنها إلى قول أحد كائنا من كان، فنقول: هذا الحديث إذا صح وهو قد جود إسناده الحافظ رحمه الله فإنه فصل النزاع، ونقول: هي بينكما نصفين.
[تغليظ اليمين بالزمان أو المكان]
١٣٥٥ - وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من خلف على منبري هذا بيمين آثمة؛ تبوأ مقعده في النار». رواه أحد، وأبو داود، والنسائي، وصححه ابن حبان.
قوله صلى الله عليه وسلم:«من حلف على منبري هذا» منبره -عليه الصلاة والسلام- مأخوذ من النبر، وهو الارتفاع وهو الذي صنع له من طرفاء الغابة، وكان قبل ذلك يخطب إلى جذع نخلة ثم صنع له هذا المنبر فصار صلى الله عليه وسلم يخطب علبه في خطبة الجمعة، وقوله:"على منبري هذا" يحتمل