في هذا الحديث فوائد: منها: تفاضل الناس في الإيمان، وجه الدلالة قوله:"خير".
وفيه أيضاً: أن الأعمال تزيد بالإيمان، لأن الخيرية التي تثبت بأفعال وهي مخالطة الناس والصبر على أذاهم، إذن الأعمال من الإيمان يزيد بزيادتهم وينقص بنقصانها.
ومن فوائد الحديث: أن الخلطة مقدمة على العزلة؛ يعني: لو قال قائل: هل الأفضل أعتزل في بيتي ولا أخرج من بيتي إلى المسجد ولا أكلم الناس ولا أخالطهم، أو الأفضل أن أخالط الناس؟
قلنا: ظاهر الحديث أن الأفضل المخالطة والصبر على أذاهم، ولكن في هذا تفصيل: إذا كانت مخالطة الناس تؤدي إلى الوقوع في المحرم مثل ألا أجد مخالطة إلا مع قوم يلعبون القمار أو مع قوم يشربون الخمر فهنا لا شك أن العزلة عنهم واجبة؛ لأن البقاء معهم بقاء على منكر، والبقاء على المنكر محرم، وعلى هذا فيقال: الخلطة أفضل من العزلة هذا من حيث الأصل، لكن قد يكون هناك أحوال يفضل فيها العزلة على الخلطة؛ فلا يقال: إن الخلطة أفضل مطلقاً، ولا العزلة أفضل مطلقاً، لكن عند الموازنة بينهما بقطع النظر عن العوارض نقول الخلطة أفضل.
ومن فوائد الحديث: حث النبي صلى الله عليه وسلم على الاختلاط بالناس؛ حتى يعرف الإنسان أحوالهم ويكون منهم على بصيرة، أنت إذا لم تخالط الناس لا تدري ما الذي يحدث في المجتمع، ولا تدري ما مشاكل الناس حتى تحاول حلها، ولا تدري حال الرجل المعين حتى تعامله بما تقتضيه حاله، فلابد من الاختلاط.
[الدعاء بحسن الخلق]
١٤٧٤ - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «اللهم كما أحسنت خَلقي، فحسن خُلقي». رواه أحمد، وصححه ابن حبان.
هذا الحديث أيضاً جدير بالصحة:"اللهم كما حسنت خلقي"، يقوله الآدمي أيا كان قدره حتى لو كان من أشد الناس دمامة فهو حسن الخلق، فإنه لا شيء من مخلوقات الله -فيما نعلم- أكمل من خلقه الإنسان، فالإنسان بخلقته مكمل مفضل على غيره، خلقته أحسن خلقة، قال الله عز وجل:{لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}[التين: ٤]. وقال:{لقد خلقنا الإنسان في كبدٍ}[البلد: ٤]. أي: في ارتفاع وعلو على غيره، وقيل:{في كبدٍ} مكابدة الأمور، وكلا المعنيين صحيح، لكن على كل حال الإنسان خلقته محسنة على كل الحيوانات.