للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقية النهار؛ لأن الإمساك لا فائدة منه مادام أن الشارع قد أذن له بالأكل والشرب فلا حرج، ولولا ذلك لقلنا: إن المريض لا يجوز له أن يأكل أو يشرب، ولو كان قد أفطر من أجل المرض إلا إذا جاع حتى خيف عليه أو إذا عطش حتى خيف عليه مع أنه يجوز له أن يأكل ويشرب كما شاء، أما الدم اليسير كالدم الذي يؤخذ للفحص أو الدم الذي يكون بقلع السن والضَّرس، أو بضغط الجرح أو ما أشبه ذلك فإنه لا يؤثر قولًا واحدًا، وما علمنا أن أحدًا قال بتأثيره، لكن الدم الخارج من السن أو الضرَّس لا يبتلع؛ لأنه إذا بلعه أفطر من أجل أنه شرب دمًا لا من أجل أنه خرج منه دم.

[حكم الاكتحال للصائم]

٦٣٧ - وعن عائشة رضي الله عنها: "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم اكتحل في رمضان وهو صائمٌ". رواه ابن ماجه بإسنادٍ ضعيفٍ.

- قال التِّرمذيُّ: "لا يصح في هذا الباب شيءٌ".

قولها: "اكتحل" أي: وضع الكحل في عينه وهو معروف، وقولها: "في رمضان وهو صائم" هذه الجملة في موضع نصب على الحال من فاعل "اكتحل"، وقولها: "في رمضان"، لم تقل: "في رمضان"؛ لأنه ممنوع من الصرف، والمانع: العملية وزيادة الألف والنون، ولهذا لو جاء "رمضان" غير علم انصرف.

في هذا الحديث من الفوائد: جواز الاكتحال للصائم.

ثانيًا: أن الكحل لا يفطر الصائم؛ لأنه لو كان مفطرًا لوجب اجتنابه، فلما جاز فعله دلَّ هذا على أنه لا أنه لا يفطر.

ثالثًا: عمومه يقتضي أنه لا يفطر الصائم ولو وصل إلى حلقه؛ لأنه أحيانًا إذا كان الحكم نافذًا أحسَّ الإنسان بطعمه في حلقه، فظاهر الحديث أنه لا يفطر ولو وصل إلى حلقه.

فإن قال قائل: أنتم ذهبتم تستنبطون الأحكام من حديث ضعيف لقول الترمذي، وإذا انهدم الأساس انهدم الفرع.

فالجواب: نعم، هذا حق، وأن البناء على الضعيف ضعيف، لكننا نقول: لنفرض أنه ليس بثابت، فما الأصل؟ الأصل: الجواز، حتى يقوم دليل على المنع، ونحن إذا نظرنا إلى الممنوعات في الصيام وجدنا أنها محفوظة معروفة بالكتاب والسُّنة، الأكل، والشرب، والجماع، والحجامة

<<  <  ج: ص:  >  >>