لكن البوك كان فيه مائة دينار والآن ما فيه إلَّا دينار أين يا رجل النقود؟ فقال: أبدًا ما أخذت شيئًا فأمسكه وجاء الثاني فقال: لا أنا أشهد أن البوك هذا فيه مائة دينار، المهم حصل نزاع فذهبوا إلى القاضي الرجلان مدعيان واليهودي منكر ورأى القاضي أن اليهودي صادق؛ لأنه أقسم إقسامات عظيمة لا يقسم بها اليهودي إلَّا وهو صادق فقال القاضي: أروني البوك فوجد فيه الدينار قال: إذن البوك الذي سقط غير هذا اذهب فابحث هذا ليس لكما ما دام تقول: البوك فيه مائة دينار فهذا فيه دينار واحد فسقط في أيديهم وخسروا بوكهم ودعواهم، على كل حال: أن قصدي أن السراق لهم طرق منها الاختلاس.
الثالث: المنتهب وهو الذي يأخذ الشئ على وجه الغنيمة يعنى: بدون مخادعة لصاحبه.
فيؤخذ من هذا الحديث: أن السرقة لا بد أن تكون من حرز لا بالمخادعة بل محرزة، فيأتي السارق ويكسر الحرز ويسرق المال، وهذا هو الراجح من أقوال العلماء، وإن كان أهل الظاهر لا يرون اشتراط الحرز، لكن الصحيح أنه يشترط وسيأتي - إن شاء الله - في قصة رداء صفوان ما يدفع به حجة أهل الظاهر.
إذن نقول: الخائن في جميع الأمانات لا تقطع يده إلَّا في العارية المختلس، والمنتهب لا تقطع يده؛ لأنه لم يسرق من حرز، ويدل لاشتراط الحرز قول المؤلف:
[اشتراط الحرز لوجوب القطع]
١١٨٥ - وعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا قطع في ثمرٍ ولا كثرٍ". رواه المذكورون، وصحَّحه أيضًا التِّرمذيُّ، وابن حبَّان.
يعني كالحديث السابق، المذكورون: أحمد والأربعة، والمصححون: الترمذي وابن حبان ولهذا قال: أيضًا، هذا يدل على اشتراط الحرز، "لا قطع في ثمر" أي: على الشجر سواء كان ثمر نخل وهو التمر أو ثمر عنب أو تين أو أي شيء لا قطع فيه؛ لأنه غير محرز بارز، كل الناس ممكن أن يأخذوا منه، "ولا كثر" وهو جمَّار النخل، جمار النخل يمكن سرقته على وجهين:
الوجه الأول: أن يأتي السارق ويقطع القنو من أصله فيكون في أصله جمار.
الوجه الثاني: النخلة نفسها ينقبها حتى يخرج جمارها من أصلها، أيهما أعظم ضررًا؟ الثاني، ومع ذلك لا يقطع لا على الثاني ولا على الأول، وسبب ذلك أنها غير محرزة.