للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضده، فالحائض مثلًا يحرم جماعها وما عدا الجماع جائز، وإلحاق المظاهر منها بالحائض أقرب من إلحاق المحرمة؛ لأن المحرمة متلبِّسة بعبادة بناء على جواز الاستمتاع، ثم إن المحرمة أيضًا قد ورد ما يدل على تحريم الاستمتاع بها، فقد حرم الرسول صلى الله عليه وسلم على المحرم أن يخطب الخطبة التي قد تكون ذريعة لعقد النكاح، وقد لا تكون، وحرم عليه أيضًا أن يعقد النكاح، فيكون الاستمتاع من باب أولى، وعلى كل حال: ففي مسألة الظهار الذي يظهر أن المحرَّم هو الجماع، وأن ما سواه لا بأس به.

يستفاد من هذا الحديث: صراحة الصحابة- رضي الله عنهم- في طلب الوصول إلى الحق لأنه جاء وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالواقع ولم يستحي.

ومن فوائد الحديث: أنه لا ينبغي للإنسان أن يستحيي من الحق؛ كما هي عادة الصحابة وهم أقوى منا إيمانًا وأقوى منا حياء؛ لأن الحياء من الإيمان ومع ذلك يصرحون بما تقتضي المصلحة التصريح به.

ومن فوائد الحديث: أن من ظاهر ثم جامع قبل التكفير فإنه لا تلزمه كفارتان بل كفارة واحدة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "حتى تفعل ما أمرك الله به"، وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا ظاهر ثم جامع قبل التكفير لزمته كفارتان ولكن لا وجه لهذا مع وجود هذا النص.

ومن فوائد الحديث: تحريم الجماع قبل أن يكفِّر لقوله: "كفِّر ولا تعد".

[كفارة الظهار]

١٠٥٤ - وعن سلمة بن صخرٍ رضي الله عنه قال: "دخل رمضان، فخفت أن أصيب امرأتي، فظاهرت منها، فانكشف لي شيء منها ليلةً، فوقعت عليها، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرِّر رقبةً. قلت: ما أملك إلا رقبتي. قال: فصم شهرين متتابعين، قلت: وهل أصبت الَّذي أصبت إلا من الصِّيام؟ قال: أطعم فرقًا من تمرٍ بين ستِّين مسكينًا". أخرجه أحمد، والأربعة إلا النَّسائيَّ، وصحَّحه ابن خزيمة، وابن الجارود.

رحم الله المؤلف، لو ذكر الأحاديث الواردة التي هي أصرح من هذا في مسألة الظهار لكان أولى من ذكر هذا الحديث، ولكن على كل حال نشرحه، قوله: "دخل رمضان فخفت أن أصيب امرأتي فظاهرت منها" يريد بذلك منع نفسه من أن يجامع امرأته، وكان في أول الأمر إذا أراد الرجل الصوم في رمضان فإنه لا يقرب أهله بعد صلاة العشاء أو بعد نوم ولو قبل العشاء، يعني: امتنع إتيان النساء في رمضان ليلًا، إذا نام ولو قبل صلاة العشاء أو إذا صلى العشاء وشق

<<  <  ج: ص:  >  >>