الخلطة مع الغير مؤثرة في السائمة، فلو كان لرجلين أربعون شاة فيها زكاة، ولو كان لرجلين مائتا درهم فلا زكاة فيها هذا هو المشهور من مذهب أحمد، أما الخلطة في غير السائمة فلا أثر لها، فإذا أختلط في نصاب من غير السائمة فلا زكاة عليه، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الزكاة تجب على الخليطين في المال الظاهر مثل الحبوب والثمار، واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة لأخذ الزكاة من الأموال الظاهرة ولم يأمرهم بسؤال الناس هل لهم شريك في هذه الأموال أو لا؟ والأصل أن عدم التفصيل يدل على العموم، وأن المال الظاهرة تجب فيها الزكاة، وإن كان نصيب كل واحد منهم أقل من النصاب، لكن المشهور من مذهب الإمام أحمد أن الخلطة لا تؤثر إلا في السائمة.
ومن فوائد هذا الحديث: حكمة الشارع في استقرار الفريضة بعد انتهاء الفرض المقدر، ووجه الحكمة من ذلك: أنه لو استمر التقدير معينا بالشرع لكان في ذلك شيء من المشقة لكن إذا جعل إلى أمل ينتهي إليه ثم ثبتت القاعدة صار ذلك أسهل على الدافع وعلى المدفوع إليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجوز للإنسان أن يتصدق وإن لم تجب عليه الزكاة، يؤخذ ذلك من قوله:"إلا أن يشاء ربُّها".
ومن فوائده أيضًا: أنه لا بد من السَّوم في زكاة بهيمة الأنعام لقوله: "في الغنم في سائمتها"، ولم يذكر شرط السَّوم في الإبل، ولكننا نقول: إنه يشترط فيها لما سيأتي- إن شاء الله- من حديث بهز بن حكيم وللقياس الجلي إذ لا فرق، فيؤخذ من هذا: أن الماشية التي تعلف أكثر الحول أو الحول كله أو نصف الحول ليس فيها زكاة؛ لأنها من السائمة.
ويؤخذ منه أيضًا: أن البهيمة إذا كانت مما يركب أو يحرث عليه فإنه لا زكاة فيها، يعني: الإبل العوامل أو البقر العوامل التي يحرث عليها وإن بلغت ما بلغت فليس فيها زكا، لماذا؟ لأنها غير سائمة، ولكن الإبل العوامل أو البقر العوامل الحارثة إذا كانت تستغل بأجرة فإن الزكاة تجب في أجرتها إذا تم عليها الحول.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الشريكين يتراجعان في الضمان بالسوية، يتفرع على هذه الفائدة- وهى المظالم المشتركة- لو فرض أنه جعل ضريبة من قبل السلطان على هذا المال وهو مشترك فسلمها أحد الشريكين بغير إذن الآخر هل يرجع على شريكه؟ إذا قال الشريك أنا ما أذنت لك تدفع، نقول: الضريبة ما جعلت علي أو عليك الضريبة جعلت على هذا المال نفسه وهو مشترك فيجب أن تضمن بمقدار نصيبك، إذا كان لك من هذا المال الثلثان تضمن