وإن كان فيه شيء من الشبهة، لكن ما سبق من تغير الرسول- عليه الصلاة والسلام- تغير حاله وفزعه، وأمره بالصلاة والدعاء والاستغفار، والتكبير كل هذا يدل على الوجوب.
إذ قال قائل: الآن عندنا أربع ركوعات فبأيها تدرك الركعة هل بالأول أو بالثاني؟ يعني: حضر بعد الرفع من الركوع الأول، هذا فيه خلاف: من العلماء من يقول: إنه يكون مدركا للركعة؛ لأنه أدرك ركوعًا ويجوز أن تجعل صلاة الكسوف كالنافلة العادية، وعلى ذلك فيكون هذا الرجل أدرك الركعة. ومنهم من قال: لا بد من أن يدرك الركوع الأول؛ لأنه هو الركن وهذا سنة؛ ولأن الرسول- عليه الصلاة والسلام- قال:"ما فاتكم فأتموا"، وهذا القول هو الصحيح؛ لأنه لا يكون مدركا للركعة إلا بإدراك الركوع الأول، ولو قضى الركعة يقضيها بركوعين.
ويستفاد من الرواية الثانية: مشروعية النداء إلى صلاة الكسوف بهذا اللفظ لقوله: "فبعث مناديًا".
ويستفاد منه: أنه يكرر بحسب الحاجة؛ لأن المنادي الذي ينادي جرت العادة أنه لا يقول:"الصلاة جامعة" مرة واحدة، فيتجول وينادي وهذا لا بد فيه من التكرار، فهل يكرره ثلاثًا، أو أربعًا، أو خمسًا؟ نقول: بحسب الحال والقدر الذي يحصل به الإسماع، فمثلًا إذا قلنا في مكان فيه رجة وكثر أصوات ومحركات نزيد التكرار، وإذا كنا في محل ليس هكذا فإننا لا حاجة إلى التكرار، هل نقول: نزيد على ذلك ونقول: صلوا يرحمكم الله كما يفعله بعض الناس؟ لا، الأولى اتباع ما ورد وإن كان هذا لا يظهر فيه قصد التعبد، لكن الأولى ألا نزيد، وهل نؤذن كالصلوات الخمس؟ لا؛ ولهذا بعض الناس في كسوف مضى قالوا لي: إنه أذن، فالظاهر أنه جاهل لا يدري.
[صفة صلاة الكسوف]
٤٨٠ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"انخسفت الشمس على عهد رسول الله فصلى، فقام قيامًا طويلًا نحوًا من قراءة سورة البقرة، ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا، وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم قام قيامًا طويلًا، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا، وهو دون الركوع الأول، ثم رفع، فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا، وهو دون الركوع الأول، ثم رفع رأسه، ثم سجد، ثم انصرف وقد انجلت الشمس، فخطب الناس". متفق عليه، واللفظ للبخاري.
- وفي رواية لمسلم:"فصلى حين كسفت الشمس ثماني ركعاتٍ في أربع سجداتٍ".
متى كان خسوفها؟ يوم مات إبراهيم في شوال في السنة العاشرة في يوم الثلاثاء.