ومنها أيضًا: كسر النفس عن الأشر والبطر؛ لأن الإنسان إذا فقد الأكل والشرب وذاق ألم الجوع والعطش فإن نفسه التي تعلو في غلوائها تحبط وتعرف أنها في ضرورة إلى ربها عز وجل فتنكسر حدة النفس.
ومنها أيضًا: أنه يضيق مجاري الشيطان، وهي مجاري الدم، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فإذا ضاقت المجاري عليه قل سلوكه لها.
ومنها أيضًا: أنه يذيب الفضلات التي في الجسم، فإن الجسم مع كثرة الأكل والشرب قد يكون فيه فضلات كثيرة متحجرة ورواسب، فإذا صام فإن الجسم يضمر حتى تخرج هذه الفضلات والرواسب.
ومنها أيضًا: أنه يحمل المرء على التقوى والعبادة، ولهذا نرى الناس في رمضان يكثرون من العبادة أكثر منها في غير رمضان.
ومنها: أنه يساعد الشاب على تحمل الصبر عن النكاح؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"ومن لم يستطع فعليه بالصوم".
ومنها: إتمام أنواع العبادة؛ لأن التكليف الذي كلف الله به عباده إما بذل محبوب أو كف عن محبوب أو تعب البدن، بذل المحبوب كالمال في الزكاة، والكف عن المحبوب كالصيام، وإجهاد النفس بالعمل كالصلاة والحج والجهاد وما أشبه ذلك.
[حكم القبلة للصائم]
٦٣٣ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل وهو صائمٌ، ويباشر وهو صائمٌ، ولكنه أملككم لإربه". متَّفقٌ عليه، واللَّفظ لمسلمٍ.
- وزاد في روايةٍ:"في رمضان".
قولها:"يقبِّل" يعني: يقبل أهله وزوجته وهو صائم، والتقبيل معروف، وجملة "وهو صائم" في موضع نصب على الحال، وهو عام لصيام الفرض والنفل.
"ويباشر وهو صائم" المباشرة أخص من التقبيل، وعرفها بعضهم: بأنها الجماع بما دون الفرج، وقولها:"وهو صائم" أيضًا الجملة في موضع نصب على الحال.
قالت:"ولكنه أملككم لإربه" يقال: إربه وأربه، الأرب: الحاجة، والإرب: العضو، يعني عضو النكاح، والمعنى واحد، يعني: أربه وإربه كلاهما يؤدي إلى شيء واحد، وهو أنه يملك حاجته وهي الجماع في هذا الموضع، فهو- عليه الصلاة والسلام- يملك حاجته.