ومن فوائد الحديث: أن الإنسان إذا لقي عدوه فإنه لا يباغته بالقتال ولكن يعرض عليه الخصال الثلاث التي ذكرها النبي صلي الله عليه وسلم لقوله: "إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلي ثلاث خصال .... الخ".
فإن قيل: ما الجمع بين هذا الحديث وبين إغارة النبي صلي الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون؟
فالجواب أن يقال: إما أن الدعوة على سبيل الاستحباب وأنه إذا اقتضت المصلحة أن يغير على العدو بدون دعوة فليفعل، وإما أن يقال: إن بني المصطلق قد بلغتهم الدعوة وأصروا على ما هم عليه من الكفر وحينئذٍ تكون الدعوة واجبة فيمن لم تبلغه ومن بلغته فلا ندعوه إلا على سبيل الاستحباب
[فائدة جواز الجزية من مشركي العرب]
ومن فوائد الحديث: أخذ الجزية من المشركين لقوله: "إذا لقيت عدوك من المشركين"، وعلى هذا فلا يختص أهل الجزية باليهود والنصارى والمجوس، وهذه المسألة اختلف فيها العلم فقال أكثر أهل العلم: إنها لا تؤخذ إلا من اليهود والنصارى لقوله تعالى: ? قتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون? [التوبة: ٢٩]. وقال في غيرهم: ? فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحصروهم وأقعدوا لهم كل مرصد? [التوبة: ٥]. وقال النبي صلي الله عليه وسلم:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة"، وعلى هذا فلا تكون الجزية إلا لليهود والنصارى.
ثم إنه أورد على القول بأنه قد ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر، وهم ليسوا من أهل الكتاب، أجابوا على ذلك بأن لهم شبهة كتاب وأن لهم كتابًا أنزل لكنهم ضلوا عنه، ولكن هذه الإجابة فيها نظر، والصواب أن يقال: إن كونه يخص الجزية بالذين أوتوا الكتاب لا يدل على أن غيرهم لا يؤخذ منهم بدليل هذا الحديث: "إذا لقيت عدوك من المشركين"، لكن خص أهل الكتاب، لأن معهم علمًا ببعثة الرسول صلي الله عليه وسلم، فإذا أخذت الجزية منهم وعاشوا في بلاد الإسلام فربما يستجيبون وهذا فيما سبق، أما الآن فإن النصارى واليهود أشد عداوة من غيرهم في الوقت الحاضر وأبعد الناس عن الدخول في الإسلام والاستجابة ولاسيما العرب