المسألة فيها خلاف، لكن الصحيح أنه لا يجوز له قراءة القرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم "كان لا يحجزه عن القرآن شيء إلا الجنابة". كلمة "لا يحجزه" يعني: لا يمنعه، ولأنه كان يقرئ أصحابه القرآن ما لم يكن جنبا. وهذا يدل على أنه ممنوع أن يقرأ القرآن وهو على جنابة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يجب عليه البلاغ، ومن البلاغ أن يعلم القرآن، فإذا كان يمتنع من ذلك إذا كان على جنابة، دل هذا على أنه لا يجوز للجنب أن يقرأ القرآن؛ لأنه لا يعارض واجب إلا بشيء واجب تركه، وهذا القول هو الراجح، وهو الذي عليه جماهير أهل العلم، أن الذي عليه جنابة لا يقرأ القرآن حتى وإن توضأ، بخلاف المكث في المسجد فيجوز للجنب أن يتوضأ، وأما قراءة القرآن فلا يجوز حتى يغتسل.
بقي علينا يقول:"رواه مسلم، وعلقه البخاري" يقول العلماء: إن الحديث المعلق: ما حذف أول إسناده تشبيها له بالمعلق بالسقف الذي لا يتصل بالأرض، فالحديث المعلق هو الذي حذف أول إسناده، ويطلق - أي: المعلق - على ما حذف جميع إسناده، فإذا قال البخاري مثلا: وقالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم، ماذا نسميه؟ معلقا، وإذا قال البخاري عن شيخ شيخه: قال فلان وساق السند نسميه أيضا معلقا، والمعلق من قسم الضعيف وذلك لعدم اتصال السند، إلا إذا كان المعلق التزم مؤلفه ألا يعلق ما صح عنده، فإننا نقول: إن هذا المعلق صحيح لكن ليس صحيحا على الإطلاق، بل هو صحيح عند معلقه، ثم إن كان من الأئمة المشهورين فإن تصحيحه معتبر وإلا فلا.
[هل يتوضأ من الحجامة]
٧٣ - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وصلى، ولم يتوضأ". أخرجه الدارقطني، ولينه.
"احتجم" الاحجام: إخراج الدم من الجسم بصفة مخصوصة، ولابد فيه من حذف الحاجم وإلا كان على خطر، الصفة المعروفة في عهد النبي - عليه الصلاة والسلام- وإلى عهد قريب: أن الحاجم يشرط الجلد في موضع معين، ثم يضع عليه قارورة لها أنبوبة صغيرة، ثم يجذب الهواء حتى يفرغ القارورة، ثم يسد فم الماسورة الصغيرة فتبقى القارورة مفرغة من الهواء، وإذا بقيت مفرغة من الهواء لصقت بالمكان، ثم بدأ الدم يخرج، فإذا امتلأت القارورة انتهى التفريغ وسقطت وهي مملوءة من الدم.