قال أهل العلم: وكذلك لو أن الإنسان احتاج في أثناء الصلاة إلى الخروج من الصلاة مثل أن يفاجئه بول أو غائط أو ريح شديدة ما يستطيع معها البقاء فله أن ينفرد بشرط أن يستفيد من انفراده، ما معنى يستفيد؟ بأن تكون صلاته إذا انفرد أخف من صلاته مع الإمام، فإن كان الإمام يخفف ولا يمكن أن تكون صلاته إذا انفرد أخف منه، فإنه لا ينفرد، لماذا؟ لأنه لا يستفيد من الانفراد شيئًا، قال العلماء: فإن زال العذر فله أن يرجع مع إمامه وله أن يستمر في انفراده؛ يعني: مثلًا: افترض أنه هاجت معدته؛ يعني: احتاج أن يتقيأ وخاف فعجل لكن هبطت المعدة فله أن يرجع مع إمامه.
ومن فوائد الحديث: العدل بين الرعية، وجه ذلك: أن النبي جعل كل طائفة تصلي ركعة معه: طائفة تدرك تكبيرة الإحرام وطائفة تدرك التسليم.
الآية الكريمة هل تدل على أن الطائفتين مؤتمتين بالإمام أو لا؟ ظاهر الآية أن الذين مع الإمام هم الذين معه حقيقة وحكمًا، والأولى حكمًا لإدراكهم ركعة، ودليله من الآية قال الله تعالى: } فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا {فأثبت انفرادًا: } ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا {قال: } فليصلوا {ولم يقل: فليقوموا؛ ولهذا قال العلماء: إن الثانية مؤتمة به حقيقة وحكمًا والأولى مؤتمة به حكمًا.
ومن فوائد الحديث: وجوب الحزم أو اتخاذ الحزم في الأمور، من أين يؤخذ؟ التقسيم في الطائفتين هذا من الحزم.
[الصفة الثانية لصلاة الخوف]
٤٥١ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجدٍ، فوازينا العدو، فصاففناهم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا، فقامت طائفة معه، وأقبلت طائفة على العدو، وركع بمن معه ركعة، وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاءوا، فركع بهم ركعًة، وسجد سجدتين، ثم سلم، فقام كل واحدٍ منهم، فركع لنفسه ركعًة، وسجد سجدتين" متفق عليه، واللفظ للبخاري.
قوله:"غزوت" الغزو معناه: الخروج إلى الجهاد، وقوله:"قبل نجد" أي: جهة نجد، وعلى هذا فهي ظرف مكان منصوبة على الظرفية، وقوله:"نجد" قال العلماء: هي ما ارتفع من الحجاز، وحدودها: حدود الحجاز من الغرب والعراق وما والاه، والشام وما والاه، واليمن من الجهات الأخرى وقوله:"قبل نجد" لم يبين هذه الغزوة أي غزوة هي، والمهم هو الحكم، أما تعيين الغزوة أو أحيانًا يحرص الإنسان على تعيين الرجل الذي حصل منه القصة وما أشبه ذلك فهذا ليس بذات أهمية؛ لأن المهم الحكم.