للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء فليسلف في كيل معلوم إلى أجل معلوم ويسلفون في الثمار يعني: يعطون دراهم إلى الثمرة الآتية، وهذا بيع تمر بدراهم مع تأخر القبض، وعلى هذا يكون هذا الحديث مخصوصاً بحديث ابن عباس رضي الله عنه في السلم، ولهذا قال الفقهاء في هذا الحكم: ليس أحدهما نقداً، يحرم ربا النسيئة في بيع كل جنسين اتفقا في علة، ربا الفضل ليس أحدهما نقداً، فإن كان أحدهما نقداً فإنه يجوز النساء، أما التفاضل فمعلوم.

[مسألة: هل يلحق بالأصناف التي فيها الربا غيرها؟ خصص فيه الرسول ستة أشياء فهل يلحق بها غيرها؟]

قال بعض العلماء: لا يلحق بها غيرها؛ لأن التخصيص والتعيين يدل على اختصاص الحكم بما ذكر؛ ولأن الله تعالى قال: {وأحل الله البيع وحرم الربوا} [البقرة: ٢٧٥]. فأطلق، فإذا كان لدينا آية يقول الله فيها وأحل الله البيع على سبيل العموم فإنه يجب ألا تضيق على عباد لله، وأن تجعل التحريم خاصاً بما جاءت به السنة في هذه الأصناف الستة فقط وما سواها لا نقيسه عليها، وإلى هذا ذهب الظاهرية وهم- كما تعلمون- أهل ظاهر يأخذون بالظاهر ولا يلتفتون إلى المعنى، هذه جادة مذهبهم، مع أنهم أحياناً يلتفتون إلى المعاني، وقد ذكر إلى أن أول من ذهب إلى هذا القول قتادة بن دعامة، وذهب بعض العلماء إلى اختصاص الحكم بهذه الأشياء الستة من أهل النظر، يعني: لا من أهل الظاهر، وعللوا ما ذهبوا إليه بأن العلماء اختلفوا في العلة- علة الربا-، واختلافهم في العلة يدل على أن العلة مضمونة؛ لأن العلة المتعينة لا يختلف الناس فيها غالباً، فلما اختلفوا فيها إلا على أنها مضمونة وإذا كانت مضمونة فلا يعمل بها، وعلى هذا فنقتصر على هذه الأصناف الستة لا من أجل أننا لا نعقل العلة أو أن ليس لها علة، لكن لأن العلة ليست معينة لدينا، لا بالكتاب ولا بالسنة ولا بالإجماع، فالناس مختلفون فيها مضطربون، إذن نلغي هذه الأقوال كلها ونقول: نقتصر على ما جاء به النص والباقي على الحل، وإلى هذا ذهب بعض أصحاب الإمام أحمد كابن عقيل من كبار أتباع الإمام أحمد رحمه الله وقال بعض أهل العلم: بل يلحق بهذه الأصناف الستة ما سواها في العلة، ثم اختلفوا على ذلك ما هي العلة؟ فقيل: العلة في الذهب والفضة أنهما موزونان، لأن الناس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يتبايعون في الذهب والفضة بالوزن وأحياناً بالعد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمس أوراقٍ صدقة» هذا وزن، وفي حديث أنس بن مالك في الكتاب الذي كتبه أبو بكر رضي الله عنه في الصدقات: "في الرقة في مائتي درهم ربع العشر، فإن لم يكن إلا عشرون ومائة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها"

<<  <  ج: ص:  >  >>