الحكم إلى الله ورسوله فيكون بهذا افتراء على الله ورسوله، أما مسألة الحقوق كما لو كان إنسان يستحق أن يوظف في هذا المكان ولكن غلقت الأبواب في وجهه وقيل له: ادفع شيئا من الرشوة للمسئول ويسهل أمرك وهو محق في هذا -له الحق في الوظيفة- فدفع شيئا، فهنا الإثم على الآخذ لا شك، ولكنه لا يستحق اللعنة كما يستحقها المرتشي في الحكم، وأما الدافع فلا شيء عليه؛ لأنه مطالب بحق.
وهذه مع الأسف -الرشوة- شاعت عند كثير من الدول كل يتضجر منها وكل يشكو منها، حتى إنه حدثني رجل عن شخص له حق دعوة ليس فيها إشكال، كلما جاء للمسئول قال له: انتظر انتظر، حتى بقي ستة أشهر وهو يتردد ويقال له: انتظر، فجاءه بعض الناس وقال له: أتريد أن تقضى حاجتك؟ قال: نعم. قال: أعطني مائتي ريال فقط، فأعطاه مائتي ريال وأعطاه القهوة، وأخذه للمسئول فقال: هات المعاملة فمشى المعاملة، ولما ذهب الرجل يصلي الظهر وجاء قال: تفضل هذه معاملتك، وهو يتردد ستة أشهر والأمر انتهى بمائتي ريال، وهذه مصيبة، يعني: ضاعت الحقوق -الآن- كلها لهذا السبب، يأتي إنسان مثلا: يتقدم في وظيفة قد سبقه من هو أحق بها منه ثم يعطي المسئولين شيئا من المال ويمشي، فيقدم على غيره، يمكن أن يكون قد تقدم لهذه الوظيفة قبله عشرون رجلا أو أكثر -نسأل الله العافية-.
والإنسان في الحقيقة يتعجب أن يقع هذا في عالم الإسلام مع أن الله أمر بالعدل وقال:{كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين}[النساء: ١٣٥]. ومع ذلك تحصل هذه الخيانة -والعياذ بالله-، ثم ربما يأتي هذا الموظف الكبير الذي بيده الوظائف ويولي من ليس أهلا وفي القوم المتقدمين من هو أحق منه في أهليته، وأي إنسان بولي أحدا من المسلمين وفيهم من هو خير منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، والمسألة كبيرة، نسأل الله الهداية للجميع.
[تسوية القاضي بين الخصوم في المجلس]
١٣٣٩ - وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال:«قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم». رواه أبو داود، وصححه الحاكم.
الحديث فيه مقال، لكن لا شك أن من آداب القاضي الذي ينبغي للخصوم أن يتأدبوا بين