٤٤٤ - وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات في كل جمعةٍ". رواه البزار بإسناد لينٍ.
قوله:"كان يستغفر" تقدم لنا مرارًا أن "كان" للاستمرار لا دائمًا، بل غالبًا، وإنما قلنا: لا دائمًا؛ لأنه تأتي أحاديث: كان يفعل كذا، ويأتي في المسألة نفسها: كان يفعل كذا خلاف الأول، وهذا يدل على أنها لا تفيد دائمًا.
وقوله:"يستغفر للمؤمنين""يستغفر" أي: يطلب المغفرة، وقوله:"للمؤمنين" الإيمان في اللغة التصديق: لكنه إذا عدي باللام صار مضمنًا معنى الاستسلام، وإذا عدي بالباء صار مضمنًا معنى الاطمئنان والإقرار، ولهذا يقال: آمن بالله، ولا يقال: آمن لله، بل إنه يقال: أسلم لله، وآمن بالله {قولوا ءامنا بالله وما أنزل إلينا ... }. إلى أن قال:{ونحن له مسلمون}[البقرة: ١٣٦]. فقال في الإسلام:{ونحن له}، وقال في الإيمان:{ءامنا بالله} المؤمن أكمل من المسلم؛ لأن الإيمان في القلب، والإسلام في الظاهر، يعني: دلالته على الظاهر أقوى، ولكن مع ذلك إذا انفرد أحدهما عن الآخر شمل الثاني، وإذا اجتمعنا افترقا، انظر إلى حديث عمر بن الخطاب في سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان بلا شك، وتعلق الحكم بالإسلام الشامل للإيمان:{ورضيت لكم الإسلم دينًا}[المائدة: ٣]. الإسلام يشمل الإيمان، أما إذا اقترنا فإنهما يفترقان، كما في حديث عمر في قصة جبريل، وكما في قوله تعالى:{قالت الأعراب ءامنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمن في قلوبكم}[الحجرات: ١٤].
وأما في قوله تعالى:{فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيتٍ من المسلمين}[الذاريات: ٣٥ - ٣٦]. فإنها تدل على افتراق الإيمان والإسلام، ومن العجب أن بعض أهل العلم استدل بها على ترابط الإيمان والإسلام قال: هذا دليل على أن الإيمان والإسلام شيء واحد؛ لأن الله يقول:{فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} أي: من المؤمنين، فظن أن الآية تدل على أن الإيمان والإسلام شيء واحد، وعند التأمل يتبين: أن الآية تدل على أن الإيمان ليس هو الإسلام، كيف ذلك؟ {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين} ومن الذي خرج؟ لوط وأهله، إلا امرأته لم تخرج بل أمره الله أن تبقى، وهنا قال:{غير بيتٍ من المسلمين} البيت فيه امرأته لكنها غير مؤمنة، بل هي مسلمة يعني: مستسلمة ظاهرًا فهي لا تخالفه؛ ولهذا