للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعريف الصداق لغة وشرعًا:

والصَّدَاق «هو العوض الذي يعطى للمرأة بعقد نكاح وما ألحق به»، فقولنا: «بعقد نكاح» خرج به ثمن السرية إذا اشتراها الإنسان من أجل الاستمتاع بها فإن هذا لا يسمى صداقًا لماذا؟ لأنه ليس بعقد نكاح ولكنه عقد بيع وإن كان الغرض منه هو الغرض من النكاح لكنه ليس عقد نكاح وقولنا «وما ألحق به» ليدخل فيه ما إذا وطئ امرأة بشبهة فإنه يجب عليه الصَدَاق مهر مثلها وإن لم يكن عقد نكاح وكذلك أيضًا ما لو زنى بها كرهًا فإن لها مهر المثل على خلاف في هذه المسألة، إذن الصَدَاق هو العوض الذي يعطى للمرأة بعقد نكاح وما ألحق به وسمي صَدَاقًا لأن بذله يدل على صدق طلب الخاطب أو إن شئت فقل: العاقد ووجهه: أن المال محبوب إلى النفوس كما قال الله تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: ٢٠]. ولا يبذل المحبوب إلا فيما هو مثله أو أشد فإذا بذله الإنسان دل على صدق رغبته وطلبه لهذه المرأة التي أصدقها ثم إن المهر ليس له حد شرعي على القول الصحيح بل ما طابت به نفس المرأة كفى ولو كان قليلًا لقول الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤]. وهذا يشمل ما لو طابت نفسها عن كل الصَّدَاق إلا درهمًا منه مثلًا فإنه يأكله الإنسان هنيئًا مريئًا ثم إن تفويض الأمر للمرأة يدل على أنه حق محض لها والقاعدة الشرعية أن حق الآدمي محضٌ إذا عفا عنه أو إذا رضي منه بالقليل فإن ذلك جائز لأن الأمر إليه.

فإن قال قائل: أفلا يرد على قولكم هذا أن تصححوا النكاح بالهبة؟

قلنا: لا يرد؛ لأن النكاح بالهبة تبرع محض بدون عوض بخلاف المهر القليل فإنه يسمى عوضًا ولهذا لابد أن يكون المهر يصح ثمنًا أو أجرة أي يصح أن يعطى ثمنًا للشيء أو أجرة للشيء في مقابل منفعة فلو قال أنا أصدقها حبة شعير فهي شيء ورضيت بأن قالت يكفيني حبة شعير مهرًا لا يصح لماذا؟ لأنه ليس مالًا؛ حيث إن هذا لا يتمول عادة ولا يصح ثمنًا ولا أجرة، أي إنسان يقول أنا بعت عليك هذا بحية شعير أي إنسان يقول أجرتك هذه الحجرة بحبة الشعير. إذن لابد أن يصح ثمنًا أو أجرة فإن كان لا يمكن أن يكون ثمنًا أو أجرة فإنه لا يصح أن يكون مهرًا فإذا قال قائل هل يشمل هذا المنافع؟ نقول نعم يشمل المنافع فلو قال الزوج: أنا أصدقها بأن أرعى إبلها لمدة سنة فهذا جائز ولا بأس به وقد أصدق موسى صاحب مدين أن يعمل له ثمان سنين وإن أتم عشرًا فمن عنده فيصح مثلًا أن يجعل المهر منفعة تنتفع بها الزوجة إما بدنية أو مالي فالبدنية أن يعمل في بستانها أو يرعى إبلها أو يعمل في ورشتها، والمالية مثل أن يسكنها بيته غير السكنى الواجبة عليه لمدة سنة يقول المهر أن أعطيك الجراج مستودعًا لسيارتك أو لمالك أو ما أشبه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>