يوجد شفق آخر غيره الحمرة؟ نعم, شفق البياض يتأخر كثيرًا إلى نحو ثلث الليل, لا عبرة به, العبرة بشفق الحمرة.
[الفجر الصادق والفجر الكاذب]
١٦٠ - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الفجر فجران: فجر يحرم الطعام وتحل فيه الصلاة, وفجر تحرم فيه الصلاة - أي: صلاة الصبح - ويحل فيه الطعام». رواه ابن خزيمة, والحاكم, وصححاه.
قسم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الفجر إلى قسمين من حيث الحكم: فذكر أنهما قسمان: «فجر يحرم الطعام وتحل فيه الصلاة» , وهذا هو الفجر الصادق الذي لا ظلمة بعده. تحل فيه الصلاة, يعني: صلاة الصبح, ويحرم فيه الطعام على من؟ على الصائم.
«وفجر تحرم فيه الصلاة» أي: صلاة الصبح, ويحل فيه الطعام - يعني: للصائم -, وهذان الفجران يختلفان في الحكم الشرعي, ويختلفان في الحكم القدري, يعني: حسًا وشرعًا, الفرق بينهما حسًا ذكره في الحديث الذي بعده.
١٦١ - وللحاكم من حديث جابر نحوه, وزاد في الذي يحرم الطعام: «إنه يذهب مستطيلًا في الأفق». وفي الآخر: «إنه كذنب السرحان».
يعني: الذنب كالفجر الذي يحرم الطعام, وهو الفجر الصادق يذهب مستطيلًا في الأفق, يعني: من الشمال إلى الجنوب, والثاني: «كذنب السرحان» وهو أيضًا يمتد من الشرق إلى الغرب, هذا الفرق, الفجر الصادق الذي تحل فيه الصلاة ويحرم فيه الطعام يكون مستطيلًا من الشمال إلى الجنوب, والثاني بالعكس يكون من الشرق إلى الغرب, هذا فرق واضح.
الفرق الثاني: أن الصادق لا ظلمة بعده, بل يزداد النور حتى يشمل الأفق كله, وأما الثاني: فيظلم بعد هذا ويزول, هذان فرقان.
الفرق الثالث: الصادق نوره متصل بالأفق, والثاني نوره غير متصل, بمعنى: أنك إذا رأيت أسفل الأفق لم تر نورًا, يعني هذا في الكاذب, فهذه فروق ثلاثة.
قال شيخنا عبد الرحمن رحمه الله: الفرق بينهما نحو نصف ساعة, يعني: أن الكاذب يخرج قبل الصادق بنحو نصف ساعة ثم يضمحل, فصار الفرق بينهما من الناحية الكونية - الحكم الكوني القدري - من وجوه ثلاثة:
الصادق ممتد من الجنوب إلى الشمال, وذاك بالعكس.