واحد، قالوا: ومن كان إمامًا في جهته مطاعًا فله حكم الخليفة العام، وهذا هو الذي عليه العمل الآن فإن كل قوم لهم إمام في جهتهم يكون حكمه حكم الخليفة العام لجميع المسلمين وليس هو أميرًا فقط؛ لأننا لو قلنا: إنه أمير والثاني في جهته أمير، والثالث في جهته أمير بقي الناس لا إمام لهم وضاعت الأمور، لكن إذا قلنا: كل إنسان في جهته يعتبر بمنزلة الإمام العام كما هو شأن المسلمين منذ أزمنة متقادمة زال الإشكال وزال ما يطالب به بعض الناس اليوم من أنه لابد أن يكون الإمام إمامًا عامًّا يبايعه جميع المسلمين، فإن هذا في الوقت الحاضر متعذر ولو قلنا بهذا ما بقي لولاة أمورنا الآن سلطة ولا كلمة مطاعة، إذا قلنا: إنه لابد أن يكون هناك خليفة عام ولكن في هذا خرق للإجماع؛ لأن المسلمين أجمعوا على أن كل إنسان يكون بمنزلة الإمام في جهته فهاهم الأئمة كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم كلهم يقرون بهذا.
ومن فوائد الحديث: الحث على الاجتماع وعدم التفرق لأنه لا يكون خروج على الإمام إلا باجتماع عليه لقوله وأمركم جميع.
زمن فوائده: حل قتل الخارج عن الإمام لقوله فاقتلوه بل وجوب قتله لأن الأمر هنا للوجوب بلا شك لما يترتب على ترك قتله من المفاسد العظيمة وهذا معنى حديث ابن مسعود المشهور "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" وذكر منها "التارك لدينه المفارق للجماعة".
ومن فوائد الحديث: أن ظاهره يشمل ما إذا كان الخارج واحدًا أو كانوا جماعة لكن سبق أنه إذا كان لهم شوكة ومنعة وخرجوا بتأويل سائغ فهم بغاة، أما إذا كان غير ذلك وقالوا نريد السيطرة على الحكم بغير تأويل فإن حكمهم حكم قطاع الطريق.
* * * *
٤ - باب قتال الجانب وقتل المرتدِّ
الأول قال: قتال، والثاني فال: قتل، وبينهما فرق؛ فالقتل ليس فيه مغالبة، والقتال فيه مغالبة من الجانبين لأن المفاعلة تكون بين اثنين فصاعدًا أما المرتد يقتل بدون مقاتلة ثم عاد ينظر في قبول توبته كما سيأتي إن شاء الله فمن هو الجاني؟ هو كل معتد ومن الجناة الصائل على الإنسان إذا صال إنسان عليك يريد نفسك يريد مالك يريد أهلك فهذا جانٍ معتد فإذا دافعته بالتهديد أو بأي شيء آخر ولكنه أبى إلا أن يعتدي ويجني عليك فلك قتله.