للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتلحقها المشقة عند الوضع وعند الحضانة، أما الأب فلا يلحقه من ذلك مشقة، فلذلك قدمت الأم في البر وكرر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات، وفي الرابعة قال: "ثم أباك" لأنه أقرب الناس إليك بعد الأمر، وبعد ذلك يقول: "ثم الأقرب فالأقرب" يعني: الأولاد أقرب؛ لأنهم بضعة منك، ولهذا يجب على الإنسان أن يصل رحمه وأولاهم بالصلة الأبناء أما الأم والأب فإنه لا يقال في الإحسان إليهما صلة، بل يقال: إنه بر وهو أخص من الصلة، هذا الحديث يقال فيه ما قيل فيما سبق أن الترتيب بالأولويات وأن الناس يختلفون بالأولوية، فكل ما كان أقرب إلى الإنسان فهو أحق ببره ووجه دخول هذا الحديث في باب النفقات ظاهر؛ لأنه النفقة من البر.

****

[٦ - باب الحضانة]

[تعريف الحضانة]

"الحضانة": مأخوذة من الحضن وهو الحجر حجر الإنسان، يقال احتضن الرجل إذا وضعه في حضنه والتزمه، وهي حفظ الصغير والسفيه والمجنون عما يضره والقيام بمصالحه هذه الحضانة اصطلاحا يعني: حفظ القاصر وحمايته بما يضره والقيام بمصالحه وهي واجبة ولكنها هل هي واجبة للحاضن أو واجبة عليه؟ نقول: أما عند التزاحم فهي واجبة للحاضن وأما عند التخاذل فهي واجبة فرض كفاية على الأقارب أن يحضنوا هؤلاء من أقاربهم يعني الصغير والمجنون والسفيه، والسفيه هو المعتوه الذي لا يحسن التصرف، حكمها أنها فرض كفاية إذا قام بها نم يكفي سقوط عن الباقين، وقد علمتم أنه إذا كان هناك تزاحم فهي حق للمحضون وإذا كان هناك تخاذل فهي حق على المحضون تكون فرض كفاية على الأقارب.

١١٠٦ - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، أن امرأة قالت: "يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وجري له حواء، وإن أباه طلقني، أراد أن ينتزعه مني.

فقال: لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به، ما لم تنكحي". رواه أحمد، وأبو داود، وصححه الحاكم.

في هذا الحديث أن هذه المرأة شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها حين طلقها وأراد أن يأخذ ابنها منها وجاءت بمبررات على سبيل السجع، فقالت: إن ابني كان بطني له وعاء بمنزلة

<<  <  ج: ص:  >  >>