الجمع؟ يحمل هذا على الاستحباب، وقد يحمل على أنه في الصلاة، وأنه في الصلاة ينبغي للإنسان أن يكون قد أخذ كامل لباسه لقوله تعالى:{يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}[الأعراف: ٣١]. فالكلام على ما إذا كان الإبط ليس بعورة فالذي من فوقه من باب أولى، فيحمل حديث أبي هريرة على الاستحباب.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه ينبغي في خطبة الاستسقاء أن يتجه الإمام إلى القبلة وينقلب رداء لقولها: "ثم حول للناس ظهره، وقلب رداءه"، فما هي الحكمة في قلب الرداء؟ مرت علينا.
ومن فوائده أيضًا: أن صلاة الاستسقاء بعد الخطبة لقولها: "ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين"، وهذا ظاهر في أنهما بعد الخطبة.
ومن فوائد الحديث: بيان قدرة الله- سبحانه وتعالى- في قولها:"فأنشأ الله سبحانه سحابة فرعدت وبرقت"، أيهما الأول الرعد أو البرق؟ البرق أولًا؛ لأن ضوءه أسرع، ولهذا تجدها أحيانًا تبرق ويتأخر سماع صوت الرعد.
ويستفاد من هذا الحديث: إضافة الشيء إلى سببه.
ومن فوائد الحديث: أن الله عز وجل ربط الأسباب بمسبباتها، وهذا من بالغ حكمته، وإلا فهو قادر على أن ينزل مطرًا بدون سحاب، وبدون رعد ولا برق، ولكنه عز وجل ربط كل شيء بسببه، وأحيانًا تحدث الأمور بدون أسباب معهودة مثلما خلق عيسى- عليه الصلاة والسلام- خلقه بدون أب وخلق حواء بدون أم.
[تحويل الرداء في الاستسقاء والجهر بالقراءة]
٤٨٨ - وقصة التحويل في الصحيح من حديث عبد الله بن زيد، وفيه:"فتوجه إلى القبلة يدعو، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة".
والذي في الصحيح من قصة عبد الله بن زيد أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- دعا قبل أن يصلي كما تشاهدون، وفيه أيضًا أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- توجه إلى القبلة يدعو، فظاهره أنه خرج ثم اتجه إلى القبلة، وجعل يدعو ثم صلى ركعتين، فإما أن يقال: إن الحديث الأول الذي رواه أبو داود أن فيه تفصيلًا أكثر، وأن الحديث الذي في الصحيح ما ذكر كل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وإما أن يقال إنه صفات متعددة؛ لأن الاستسقاء لم يقع إلا مر، فنقول: إن الرسول- عليه الصلاة والسلام- يفعل هذا أحيانا وهذا أحيانًا، كما يكون ذلك في بعض العبادات، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم مرة بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ومرة بدأ بالخطبة، أو بالدعاء قبل الصلاة، وهذا هو الأرجح أن السنة في ذلك متنوعة، وأن الاستسقاء السنة فيه أن يكون أحيانًا تكون الخطبة قبل الصلاة، وأحيانًا تكون الخطبة بعد الصلاة.