حين ما تقرأه تعرف أنه كلام الرسول، لاسيما إذا كنت تكرر الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ويكثر عليك ورودها فإنك ربما تعرف الشأن من كلامه، كما أنك لو كنت معتادا أن تقرأ كلام عالم من العلماء لعرفت أنه كلامه وإن لم ينسب إليه إذا مر بك في موضع آخر، فالصواب: أن هذا الحديث في سنده مقال، فلا يثبت على قدميه فضلا عن أن يعارض حديث أبي سعيد الخدري.
[حكم قراءة الجنب القرآن]
١٠٨ - وعن علي رضي الله عنه قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن ما لم يكن جنبا". رواه أحمد والخمسة، وهذا لفظ الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان.
قوله رضي الله عنه:"كان النبي يقرئنا القرآن" أي: يعلمنا إياه؛ لأن القرآن ينزل على النبي - عليه الصلاة والسلام- ثم يعلمه الصحابة، "ما لم يكن جنبا" يعني: فإن كان جنبا امتنع عن الإقراء فلم يقرئهم مع أنه صلى اللهعليه وسلم أحرص الناس على إبلاغ الرسالة لإيجاب ذلك عليه في قوله تعالى: {يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وغن لم تفعل فما بلغت رسالته}[المائدة: ٦٧]. "ما لم يكن جنبا"، وسبق معنى الجنب وأنه شرعا: من أنزل منبا بشهوة أو جامع وإن لم ينزل.
من فوائد الحديث: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إبلاغ القرآن، وأنه كان بنفسه يقرئ أصحابه امتثالا لقول الله تعالى:{يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك مربك}.
ومن فوائده: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرئهم إذا كان جنبا، وهل هنا الامتناع على سبيل الأفضلية، أو على سبيل الوجوب؟
قيل: على سبيل الأفضلية؛ لأنه ليس إلا مجرد إمساك وافمساك نوع من الفعل، والفعل المجرد يدل على الاستحباب، وعلى هذا التأويل فالأفضل للجنب ألا يقرأ القرآن، وإن قرأ فلا إثم عليه.
وقيل: إنه على سبيل الوجوب؛ لأن إمساك النبي صلى الله عليه وسلم عن أمر واجب لا يكون إلا عن محرم، وهذا أقرب أن الجنب يحرم عليه قراءة القرآن، وتعليم القرآن.
فإن قال قائل: لو كتب القرآن كتابة فهل يلحق باللفظ؟
فالجواب: لا، لأن الكتابة لها حكم اللفظ في مواضع ولها حكم الإشارة في مواضع، ولذلك لو أن أحدا كتب ورقة إلى شخص وهو يصلي افعل كذا وكذا، فإن صلاته لا تبطل، ولو