البقر أو الغنم، يعني: هربت وعجزنا عن إمساكها ورميناها حلت في أي موضع كان أصابه السهم.
[وجوب إحسان القتلة]
١٢٩١ - وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا بحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» رواه مسلم.
كتب: تأتي بمعنى فرض كما في قوله تعالى: {يأيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام}[البقرة: ١٨٣] وقوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إنن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف}[البقرة: ١٨٠] وقوله: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين}[المائدة: ٤٥] وقوله تعالى: {كتب عليكم القصاص في القتلى}[البقرة: ١٧٨].
فقوله:«كتب» الإحسان أي: فرضه وأوجبه ويحتمل أن المعنى كتبه أي: شرعه ويشمل الفرض والنفل بمعنى: أنه يشمل الإحسان الواجب والإحسان المستحب، وقوله:«على كل شيء» قيل: إن معنى «على»«في» أي: في كل شيء وليس هذا ببعيد وإذا جعلنا «على» على ظاهرها أنها للاستعلاء صار المعنى على فعل كل شيء، كل شيء يفعله الإنسان في غيره فإنه مفروض عليه الإحسان، قال:«فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة» وهذا مثالان وإلا فيكون الإحسان أيضا في غير هذا، كالجلد والرض وما أشبه ذلك فيحسن الإنسان هذا كما يحسن القتلة والذبحة، وقوله: إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بين القتل وبين الذبح فالقتل فيما لا يجوز أكله، والذبح فيما يجوز أكله كالإبل والبقر والغنم، وقوله:«أحسنوا القتلة» هل الإحسان هو بالتسهيل أي: بتسهيل القتل واستعمال أقرب الطرق إلى القتل بالسهولة، أو يراد بالإحسان موافقة الشرع؟
الثاني، المراد هو: الثاني، ولهذا نرى أن الرجل إذا زنى وهو محصن فرجم بالحجارة، نرى أن هذا من إحسان القتلة لموافقته للشرع مع أنه لو قتل بالسيف لكان أسهل، وقوله:«القتلة» ولم يقل: القتلة- أي: بالفتح- والفرق بينهما أن فعلة للهيئة وفعلة للمرة كما قال ابن مالك رحمه الله في الألفية: