يذكر الله على كل أحيانه». والأذان ذكر, فيجوز أن يؤذن ولو لم يكن متوضئًا, لكن الأفضل أن يكون على وضوء؛ لأنه ذكر, والذكر ينبغي أن يكون الإنسان فيه على طهارة.
فإن قال قائل: وماذا تقولون في الجنب؟
نقول: الجنب أبعد حالًا من المحدث حدثًا أصغر؛ ولهذا نص الفقهاء - رحمهم الله - على أن الجنب يكره أذانه, ولكن في هذا نظر؛ لأن الجنب يجوز له الذكر ما عدا شيئًا واحدًا وهو القرآن, وما عدا ذلك فإنه يجوز أن يذكر الله عز وجل بجميع أنواع الذكر, فالصواب: أن أذان الجنب ليس بمكروه, وأنه لا بأس أن يؤذن وهو جنب؛ إلا أن الأفضل أن يكون على طهارة.
فإن قال قائل: ما تقولون في حال الناس اليوم إذا كان الإنسان يؤذن في المسجد وهو جنب فماذا يصنع؟
نقول: الأمر سهل يتوضأ؛ لأن الجنب إذا توضأ جاز له المكث في المسجد, ويتوضأ ويؤذن في وقته, ثم يعود إلى محل الاغتسال ويغتسل.
[حكم إقامة من لم يؤذن]
١٩١ - وله: عن زياد بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن أذن فهو يقيم». وضعفه أيضًا.
«من أذن فهو يقيم» , يعني: وهو الذي يقيم, و «من» هذه عامة تشمل من أذن بالأصالة, ومن أذن بالوكالة.
المؤذن بالأصالة: أن يكون هذا المسجد له مؤذن خاص فيؤذن, فهو نفسه الذي يقيم.
المؤذن بالوكالة: مؤذن موظف لا يخرج من وظيفته إلا بعد أذان الظهر, فحضر إلى المسجد وقد أذن وكيله, فهل يقيم الأصيل؛ لأنه وكل نائبًا عنه أو يقيم الوكيل؟ يقيم الوكيل لكن لو أقام الأصيل فلا بأس, وله وجهة نظر لأنه يقول: أذن عني لغيابي, والآن قد حضرت, فإذا تشاحنا؛ قال الوكيل في الأذان: أنا أذنت فأقيم, وقال الأصيل: أنا صاحب المنارة فأقيم, فمن نأخذ بقوله؟ الأصيل, أما عند عدم التشاحن فإنه يؤذن الوكيل.