للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١ - باب صدقة الفطر]

كلمة "صدقة" تقدم أنها تطلق على الواجب والمستحب، ومن إطلاقها على الواجب قوله تعالى: {* إنما الصدقات للفقراء ..... } [التوبة: ٦٠]. ومن إطلاقها على العموم قوله صلى الله عليه وسلم: "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار".

وقوله: "صدقة الفطر" هل هي من باب إضافة الشيء إلى سببه، أو من باب إضافة الشيء إلى زمنه؟ الظاهر إلى زمنه؛ لماذا؟ لأنها تجب على الإنسان وإن لم يصم؛ فإن كان الإنسان مريضًا مثلا وجبت عليه صدقة الفطر مع أنه لم يصم رمضان، إلا أن يقول قائل: إنها من باب إضافة الشيء إلى سببه باعتبار الأعم الأغلب فهذا له وجه، لكن إذا قلنا: من باب إضافة الشيء إلى وقته، فإنه يبقى الكلام على ظاهره والمراد بـ"الفطر" أي: الفطر من رمضان.

[صدقة الفطر من تجب؟]

٥٩٦ - عن ابن عمر رضي الله عنه قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعيرٍ على العبد والحرِّ، والذَّكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج النَّاس إلى الصَّلاة". متَّفقٌ عليه.

"الفرض" في اللغة سبق أنه بمعنى القطع والتقدير، وله معانٍ متعددة بحسب السياق، لكنه يدل على الوجوب. "فرض" بمعنى: أوجب وألزم، ولا فرق بينه وبين الواجب على القول الراجح، فإن الواجب والمفروض بمعنى واحد.

وقيل: إن الفرض: ما ثبت بدليل قطعي. والواجب: ما ثبت بدليل ظني. والصواب: أنه لا فرق بينهما.

"فرض زكاة الفطر"، هناك سماها زكاة، والزكاة في اللغة: النماء والزيادة. وفي الشرع: ما تزكو به النفوس من مال أو عمل؛ ولهذا تسمى الأعمال الصالحة زكاة، قال الله تعالى: {قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها} [الشمس: ٩، ١٠]. فكل ما تزكو به النفوس من مال أو عمل فهو زكاة شرعا لكن تطلق على المعنى الخاص، أي: أنه يراد بها بعض معانيها كما في قولنا: زكاة المال.

"زكاة الفطر صاعًا" ما إعراب "صاعا"؟ حال على سبيل التأويل كما قال ابن مالك:

*كبعه مدا بكذا يدًا بيد*

فهو على سبيل التأويل بالمشتق، ويجوز أن تكون "فرض" بمعنى: قدر، وتكون "صاعًا"

<<  <  ج: ص:  >  >>