آخره لأنه يبادلها يبيع هذا ويشتري هذا يمكن أن تتبدل عنده بالحول نحو (٢٠) صنفًا، فإذا أخرج من الصنف الذي كان عنده وقت وجوب الزكاة فهو في الحقيقة لم يخرج عن جميع الأصناف السابقة، لكن إذا أخرج من القيمة فهي الأصل، وهي الركيزة، فالراجح أنه لا يجوز أن يخرج قيمة العروض منها، اللهم إلا رجل كانت عروض تجارته من جنس واحد كل الحول كما لو كان عياشًا، أو إن شئت قلنا: كما لو كان قماحًا يبيع القمح؛ فهذا له أن يخرج من العروض؛ لأنه من أول الوقت إلى آخره هي من جنس واحد.
من فوائد الحديث: وجوب الزكاة في عروض التجارة.
الفائدة الثانية: أن الإنسان لو عدل عن نية العروض إلى القنية سقطت الزكاة لقوله: "فيما نعده".
الثالثة: أنه لو جدد نية العروض، فإنه يكون للعروض بالنية؛ يعنى: بأن يكون الإنسان اشترى هذا الشيء ليقتنيه ثم بدا له أن يجعله تجارة فإنه يكون تجارة.
مثال ذلك: رجل اشترى لبيته سكرًا، ورزًا، وشايًا، وقهوة، ودله، وإبريقًا يريد أن تكون لبيته ففتح جزءًا من بيته، دكان وبسط هذه الأشياء للبيع صار الآن تجارة أعدها للبيع فأصبحت عروضًا لعموم قوله:"فيما نعده للبيع"، وسبق أن أهل المذهب- رحمهم الله- يقولون: إنه لا يكون للعروض بالنية حتى يملكها بفعله بنية التجارة، وقلنا: إن هذا خلاف ظاهر الحديث.
[زكاة الركاز]
٥٩٣ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"وفي الرِّكاز: الخمس". متفقٌ عليه.
"ركاز" فعال بمعنى: مفعول، من ركز الشيء إذا أثبته، ومنه ركزت العنزة بين يدي النبي ٤ صلى الله عليه وسلم، فالركاز يدور على هذه المادة تدل على مادة الثبوت والاستقرار. هذا في اللغة.
والركاز في الشرع: هو ما وجد من دفن الجاهلية فهو فعال بمعنى: مفعول؛ أي: مركوز من دفن الجاهلية، أي: من مدفونها بحيث يكون عليه علامة الكفار، مثل تاجر وجد في الأرض مدفونا حليًا عليه علامة الكفار كله صلبان، هذا نعرف أنه من مال الكفار؛ لأن المسلمين ليس هذا شعارهم فيكون هذا ركاز كذلك إنسان وجد دراهم ما تستعمل إلا في بلاد الكفر فهذا أيضًا ركاز أوان ما تستعمل إلا في الخمر فهذا أيضًا ركاز لأن الذين يشربون الخمر هم الكفار.
المهم إذ وجد شينا مدفونا عليه علامة الكفر بأي علامة تكون، فهذا يسمى ركازا، فإن لم يكن كذلك فهو لقطة إن كان ليس عليه علامة الكفر فإنه لقطة.