فالجواب: نعم نجيز هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قد لبد رأسه، وهذا مما يدلك على أن المسح على ما فوق الرأس أمر ميسر.
فإن قال قائل: فالنساء تلبس حليا على رأسها وتشبكه في الشعر وتخيطه عليه فهل يلزمها نزعه عند الوضوء أو تمسح عليه؛ لأن مشقة هذا أيضا شديدة، وكما سمعتم أن المسح على الرأس أمر مخفف.
"التساخين" يقول: هل الخفاف، يؤخذ من هذا الحديث جواز المسح على الجوارب؛ لأن عموم قوله:"التساخين" وإن فسرت بالخفين فإنها من باب تفسير الشيء ببعض معناه، فالتساخين كل ما تسخن به الرجل من جوارب وخفاف وغيرها.
فهل يجوز المسح على الخف الرقيق أو المخرق؟
الجواب: نعم على القول الراجح؛ لأن هذا يحصل فيه تسخين القدم.
وهل يجوز المسح على اللفائف، يعني: لو كان هناك برد شديد، أو حر شديد فلوقاية الرجل لف عليها لفائف فهل يجوز المسح عليها؟
الجواب: نعم، لا شك في هذا؛ لأن إزالة هذا الملفوف أشد من الخف أو الجورب.
فإن قال قائل: وهل يجوز المسح على الخف المخرق؟
قلنا: نعم ما دام اسم الخف باقيا أو اسم الجورب باقيا، فإنه يجوز المسح عليه؛ لأن النصوص جاءت مطلقة، ثم إن المقام مقام رخصة وتسهيل، وإذا كان المقام رخصة وتسهيل فلا ينبغي أن نشدد على عباد الله في شيء لم يثبت في شريعة الله، وهذه قاعدة يجب على الإنسان أن يهتم بها، أي شرط تشترطه في أي حكم من الأحكام فاعلم أنك بذلك ضيقت الشريعة؛ لأن الشروط قيود، وإذا قيد المطلق صار تضييقا على الناس، فأي شرط تضيفه إلى حكم من الأحكام فاعلم أنك ضيقت شريعة الله، وسوف يحاسبك الله على هذا؛ لأن الله أطلق لعباده ويسر لعباده، ثم تأتي أنت بزيادة قيد أو شرط لم يكن موجودا في القرآن والسنة ولا القياس الصحيح، فإنك سوف تحاسب على هذا.
[حكم المسح على الخفين في الجنابة]
٥٨ - وعن عمر رضي الله عنه - موقوفا- وعن أنس - مرفوعا-: "إذا توضأ أحدكم فلبس خفيه فليمسح عليهما، وليصل فيهما، ولا يخلعهما إن شاء إلا من الجنابة". أخرجه الدارقطني، والحاكم وصححه.