قوله:"إذا توضأ أحدكم" متى يصدق على الإنسان أنه توضأ؟ إذا أتم طهارته: إذا غسل وجهه ويديه، ومسح برأسه، وغسل رجليه، صح أنه توضأ، وقوله:"فليمسح عليهما وليصل فيهما" اللام في هذين الفعلين للأمر، ولذلك سكنت اللام لوقوعها بعد الفاء في الجملة الأولى، وبعد الواو في الجملة الثانية.
ففي هذا الحديث دليل على فوائد:
منها: أنه لا يجوز المسح على الخفين إلا إذا لبسها بعد استكمال الطهارة، وهذا يؤخذ من قوله:"إذا توضأ".
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يرجح القول في أنه غسل الرجل اليمنى وأدخلهما الخف، ثم اليسرى وأدخلها الخف، فإذا لا يسمح لأنه أدخل اليمنى قبل أن يتم وضوءه، فإذا صح هذا الحديث فإنه يرد القول بأنه يجوز أن يدخل الرجل اليمنى قبل أن يغسل اليسرى ثم يغسل اليسرى ويدخلها وهذا جائز عند شيخ الإسلام رحمه الله وجماعة من العلماء، وقال: إنه لا ينافي حديث المغيرة "إني أدخلتهما طاهرتين"، لكن إذا صح هذا الحديث فهو واضح أنه لابد من استكمال الطهارة، والأمر سهل، يعني: لا يبقى عليك أن تخرج من الشبهة إلا أن تؤخر إدخال اليمنى حتى تغسل اليسرى.
ومن فوائد هذا الحديث: ترجيح المسح على الخلع للابس الخف لقوله: "فليمسح عليهما، ولا يخلعهما" وقد سبق بيان ذلك.
ومن فوائد هذا الحديث: الصلاة في الخفين لقوله: "فليصل فيهما".
فإن قال قائل: أرأيتم لو كان فيهما قدرا نجسا؟ قلنا: لا يصلي فيه حتى يطهره، وبماذا يطهرهما؟ يطهرهما بالتراب يمسح الخف في الأرض حتى تزول النجاسة؛ لأنه هكذا جاءت السنة، وأما قول من يقول: لابد من غسلهما فهذا قول ضعيف لمخالفته السنة من وجه؛ ولأن فيه مشقة على الإنسان؛ لأنه لو غسل الخف ثم لبسه تأذى بالبرودة؛ ولأن فيه إفسادا للخف فعلى كل حال لا شك أن تطهير الخفين بالتراب.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا مسح على الخفين في الجنابة لقوله: "ولا يخلعهما إن شاء الله إلا من الجنابة" وسبق ذلك، وبيان الحكمة من كون الجنابة لابد فيها من غسل الرجل.
٥٩ - وعن أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه رخص للمسافر ثلاثة أيتام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة، إذا تطهر فلبس خفيه: أن يمسح عليهما". أخرجه الدارقطني، وصححه ابن خزيمة.