[متابعة السامع للأذان]
١٨٤ - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم النداء, فقولوا مثل ما يقول المؤذن». متفق عليه.
١٨٥ - وللبخاري: عن معاوية رضي الله عنه مثله.
قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم النداء» المراد به: النداء للصلاة, وهو الأذان, «فقولوا مثل ما يقول المؤذن» يعني: إذا قال: الله أكبر قولوا: الله أكبر, متابعة, ولم يستثن في الحديث شيئًا, لكن قال المؤلف:
١٨٦ - ولمسلم: عن عمر رضي الله عنه في فضل القول كما يقول المؤذن كلمةً كلمةً, سوى الحيعلتين, فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
«الحيعلتين» تثنية حيعلة, وهو اسم منحوت - يعني: أخذ من كلمة حرف ومن كلمة أخرى حرف آخر -, الحيعلة بمعنى: حي على كذا, وهما حيعلتان الأولى: «حي على الصلاة» , والثانية: «حي على الفلاح» , فيقول المتابع: لا حول ولا قوة إلا بالله, ولا يقول: حي على الصلاة؛ لأنه مدعو, ولو قال: «حي على الصلاة» صار داعيًا ولا يجمع بينهما أيضًا؛ يعني: لا يقول: حي على الصلاة لا حول ولا قوة إلا بالله, حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله, ومن زعم أنه يقول مثل ما يقول في الحيعلتين ثم يعقبه بلا حول ولا قوة إلا بالله؛ فزعمه ضعيف, وما مثله إلا مثل من قال: إن المأموم إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده, قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد, مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الإمام: «إذا قال: سمع الله لمن حمده, فقولوا: ربنا ولك الحمد» , وقوله: «إذا سمعتم, فقولوا مثل ما يقول» لابد من سماع, فلو تحرى الأذان وصار يتابع بناء على التحري لم ينفع.
من فوائد هذا الحديث: حكمة الله عز وجل, حيث جعل لغير القائم بالعبادة نصيبًا من أجل هذه العبادة, فإن المؤذن لا شك أنه قائم بعبادة من أشرف العبادات, حتى إن ثوابه يوم القيامة يكون أطول الناس أعناقًا. المؤذنون أطول الناس أعناقًا؛ لأنهم رفعوا ذكر الله عز وجل وأعلنوا به, فكان من جزائهم أن يرفع الله سبحانه وتعالى أعناقهم يوم القيامة فوق الخلق حتى يتميزوا بهذه الميزة, لما شرع الله الأذان للمؤذن شرع لغير المؤذن أن يتابعه, ولولا هذا الشرع لكانت متابعته بدعة.
ومن فوائد الحديث: أنه لابد أن يسمعه ويدري ما يقول؛ لأنه قال: «فقولوا مثل ما يقول