المؤذن» فإن كان يسمع الصوت لكن لا يفهمه - وهذا يقع كثيرًا - فهل يتابع؟ الظاهر لا يتابع إلا إذا كان أدرك الجملة الأولى وعرفها وصار يسمع الصوت, ولكن لا يدرك الحروف, فهنا قد نقول: تابعة؛ لأنك إذا فهمت التكبيرة الأولى فالتي بعدها تكون الثانية وهلم جرا, أما إذا كان يسمع دويه ولكن لا يدري ما يقول فإنه لا يشرع له المتابعة.
ومن فوائد هذا الحديث: مشروعية متابعة المؤذن لقوله: «فقولوا». وهذا الأمر للوجوب أو للاستحباب؟ اختلف العلماء في هذا - رحمهم الله - فقال بعضهم: إنه واجب؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب, وأنه يجب على الإنسان أن يتابع المؤذن, ولكن جمهور العلماء على أنه ليس بواجب, واستدلوا لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم». ولم يقل: وليتابعه الآخر, ولو كان ذلك واجبًا لم يؤخر بيانه عن وقت الحاجة, وهذا هو الصحيح أن إجابة المؤذن - أعني: متابعته - ليست بواجبة لكنها سنة لا ينبغي للإنسان تركها.
ومن فوائد هذا الحديث: أن ظاهره أن يقول هذا الذكر في أي مكان كان, وعلى أي حال كان؛ يعني: يتابع في أي مكان وعلى أي حال كان, في أي مكان يعني: سواء في السوق, في المسجد, في البيت, وظاهره حتى في الحمام؛ لأن الحديث مطلق, وإذا كان مطلقًا فإنه يبقى على إطلاقه إلا بدليل, وليس هناك دليل واضح على أنه لا يتكلم الإنسان بالذكر إذا كان في الحمام, وظاهره أيضًا أنه يقول مثل ما يقول المؤذن ولو كان في حلقة علم, أو في قراءة القرآن, أو ما أشبه ذلك.
وعليه فنقول: إذا سمعت المؤذن وأنت تقرأ القرآن فالأفضل أن تقول مثل ما يقول وإن سكت عن القراءة؛ لأن هذا ذكر مقيد بزمن مخصوص, والقراءة ليس لها وقت متى شئت فاقرأ, وهذه قاعدة في الأذكار المطلقة والأذكار المقيدة, الأذكار المقيدة تقدم على الأذكار المطلقة, فمثلًا عند سماع نباح الكلاب السنة: التعوذ بالله من الشيطان الرجيم» , وكذلك عند نهيق الحمير, فإذا سمعت نباح الكلاب أو نهيق الحمير وأنت تقرأ القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم, اقطع القراءة واستعذ بالله من الشيطان الرجيم, إذا عطس الإنسان وهو يقرأ القرآن يقطع القرآن ويقول: الحمد لله, إذا سمع أذان الديك وهو يقرأ القرآن يقطع القرآن ويسأل