المشتري وحاجة البائع، فإذا كانت تجوز للمشتري من أجل التفكه بالرطب فجوازها للبائع من أجل حاجته للتمر من باب أولى، والمسألة لا شك أن تجاذبها الدليلان دليل القياس الذي قد يكون جلياً أو مساوياً؛ ودليل الاقتصار على النص فيما ورد فيه التخصيص، على كل حال هذه الحال واردة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا تعذر اليقين رجعنا إلى غلبة الظن وهذه قاعدة معروفة في الفقه لاعتبار الخرص، وهو أمر ظني من أجل تعذر اليقين، وهذا أمر مطرد، بمعنى: أنه إذا تعذر رجعنا إلى غلبة الظن، ولكن هذا الرجوع إلى غلبة الظن أمر مطرد أم ماذا؟ أحيانا نقول: ارجع لغلبة الظن، وأحيانا نقول: ارجع إلى اليقين، فالظاهر لي بعد تتبع بعض المسائل أن ما كان من العبادات اكتفي فيه بغلبة الظن، مثلاً: إنسان استنجى وغلب على ظنه أنه طهر المحل يكفي ولا نقول باليقين، فقد يتعذر اليقين، وقد يكون هذا الرجل عنده شيء من الوسواس لو يبقى من المغرب إلى العشاء ما تيقن في الوضوء، فيكفى غلبة الظن، ولولا أنه يكفي غلبة الظن لقلنا بوجوب الدلك كما قال به مالك، فالدلك ليس بفرض يكفي أن تضع يديك تحت الماء أو تلقي الماء وترده على ذراعك إذا غلب على ظنك، الصلاة إذا شككت في عدد الركعات وغلب على ظنك الزيادة أو النقص تعمل بها، الطواف كذلك، المهم أن الظن له اعتبار في الشرع حتى فيما يشترط فيه اليقين، إذا تعذر اليقين رجعنا إلى غلبة الظن، في المعاملات لابد من اليقين، فمثلاً: لو أن رجلاً له مريض مورث يرث هذا المريض وغلب على ظنه أن المريض مات قال: الحمد لله مات وأنا وارثه وذهب يبيع أمواله بناء على ظنه أن هذا مات، نقول: لا يجوز هذا، لماذا؟ لأن هذا تصرف في مال الغير والأصل بقاء ملكه، فلا يجوز أن تتصرف حتى تتيقن أنه ميت، ففي المعاملات لابد من اليقين مع أنها قد تخرج في بعض المسائل كتصرف الفضولي.
[بيع الثمار]
٨١٤ - وعن ابن عمر رضي الله عنه قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى الباع والمبتاع». متفق عليه.
- وفي رواية:"وكان إذا سئل عن صلاحها؟ قال: حتى تذهب عاهتها".
"النهي": طلب الكف على وجه الاستعلاء مثل قوله تعالى: {ولا تشركوا به شيئا}[النساء: ٣٦].