أي مفسدة، لاسيما إذا حدد أكثر المد بأن قال: تؤجرني مدة لا تزيد على سنة حتى أجد البيت، فإن هذا أقرب إلى العلم بتحديد أكثر المدة مع أن الصحيح الجواز حتى وإن لم يحدد أكثر المدة.
ومن فوائد الحديث: قوة عمر في الحق لقوله: "حتى أجلاهم عمر".
فإن قال قائل: كيف يجليهم عمر وقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشأ أن يجليهم، والشرط الذي اتفقوا فيه مع الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يقرهم على ما شاء؟
فالجواب عن ذلك يسير جدًا أن يقال: إن قوله: "على ما شئنا" إنما قاله باعتبار أنه هو الولي الأعلى للأمة فخليفته يقوم مقامه، فهذا عقد لعموم المسلمين للمصالح العامة، والخليفة الذي يأتي بعد الخليفة الأول يكون نائبًا عنه، وعلى هذا فلا يكون في فعل عمر مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم:"نقركم على ما شئنا".
ومن فوائد هذا الحديث: التصريح بأنه يجوز أن يكون البذر من العامل؛ لقوله في رواية مسلم:"على أن يعتملوها من أموالهم".
[إجارة الأرض]
٨٦٨ - وعن حنظلة بن قيس رضي الله عنه قال:«سألت رافع بن خديج رضي الله عنه عن كراء الأرض بالذهب والفضة؟ فقال: لا بأس به، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الماذيانات، وإقبال الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به». رواه مسلم.
- وفيه بيان لما أجمل في المتفق عليه من إطلاق النهي عن كراء الأرض.
رافع بن خديج كان من الأنصار، وكانت الأنصار - رضي الله عنهم - أكثر الناس زرعًا لهم زروع كثيرة، وكانوا يتعاملون بالمزارعة؛ لأن من له حقول كثيرة لابد أن يعلم.
قال:«سألت عن كراء الأرض بالذهب والفضة» يعني: أنه جائز، مثل: آجرتك هذه الأرض كل سنة مائة درهم على أن تزرعها، الزرع لمن؟ الزرع للمستأجر، ولرب الأرض الأجرة، وليس هذا من باب المشاركة؛ لأن عقد الأجرة مستقل، وعلى هذا فلا يرد علينا أنه ربما يزرع الأرض ولا يحصل مقدار الأجرة وربما يزرع الأرض ويحصل له أضعاف أضعاف الأجرة، لا يقال: إن هذا غرر؛ لأنها ليست من باب المشاركة بل هي من باب الأجرة وأنا أجرتك كل سنة