ثم اختلف العلماء والراجح أن هذا يرجع إلى اجتهاد الإمام أو من له القول في الجيش، وقوله:"نفل الربع في البدأة والثلث في الرجعة" تكلمنا عليه، أما حديث أبن عمر "كان ينفل ... الخ" استفدنا من قوله: "بعض من يبعث من السرايا" أنه ليس التنفيل أمرًا حتميًا ولكنه راجح إلى الإمام، والإمام يجب أن يراعي المصلحة، إن اقتضت التنفيل فعل وغلا فلا.
[حكم الأخذ من طعام العدو قبل القسمة]
١٢٤٤ - وعنه (رضي الله عنه) قال: "كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب، فنأكله ولا نرفعه" رواه البخاري، ولأبي داود:"فلم يؤخذ منهم الخمس" وصححه ابن حبان.
١٢٤٥ - وعن عبد الله بن أبى أوفى (رضي الله عنه) قال: "أصبنا طعامًا يوم خيبر، فكان الرجل يجيء، فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف" أخرجه أبو داود، وصححه أبن الجارود والحاكم.
هذا في بيان هل مثل هذه الأشياء تدخل في الغلول؟
بينت هذه الأحاديث أنها لا تدخل في الغلول، يقول:"كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه" يعني: لا نرفعه إلى القائد أي: لا نرسله في الغنيمة والمعنى واحد، يعني: أنهم إذا وجدوا عسلاً أكلوه"، أو عنبًا أكلوه أو رطبًا أكلوه أو طعامًا مطلقًا أكلوه، ولكنهم لا يدخرونه، بل يأكل الإنسان منه حاجته ولا يدخر، ولهذا جاء في الحديث الثاني يأكل قدر ما يكفيه ثم ينصرف، وأما ادخاره فهذا غلول، لكن الأكل منه بقدر الحاجة ليس بغلول، لأنه قد يحتاج الجند إلى ذلك، ربما يصيبون العسل أو العنب أو الرطب أو الطعام وهو في حاجة إليه، فإذا قلنا: إن أكلكم منه من الغلول ازدادوا ضرورة، فيقال: إن هذا أمر من المرخص فيه، وإذا كان الجند يستوون في هذا ففي الحقيقة أنه لا غلول، لأن كل واحد من الجند سوف يتمتع بهذه الرخصة، صحيح أن المسلمين الذين لهم حق في الفيء لا يساوون هؤلاء، لكن ما دام الأمر سهلاً ومما جرت العادة ب الحاجة إليه فإنه لا بأس به.