للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: هذا الحديث يعارضه الواقع؛ لأن الواقع أن هناك ملكات من النساء ورئيسات ووزيرات من النساء فما الجواب؟

الجواب من وجهين: أما الملكات فإنهن ملكات بلا ملك ليس لهن تدبير وإنما هو شيء ورثوه كابرا عن كابر وسموها ملكة وهي مسكينة لا تملك شيئا، هذا هو الواقع، وأما أن تكون رئيسة وزراء؛ فلأن لديها وزراء هم الذين يديرون في الواقع.

ثم يقال: لو فرضنا جدلا أنها تدير لكونها رئيسة لوزراء فإنهم لو تخلوا عنها وولوا أحدا من الرجال لكانوا أشد فلاحا.

إن قدر أنهم يفلحون يكونون بتولية الرجال أشد فلاحا؛ لأننا نحن نؤمن بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نؤمن بما يقولون: إنه واقع؛ لأن هذا الواقع عليه احتمالات وإيرادات فلا يصح أن يعارض كلاما محكما صدر من أصدق الخلق -عليه الصلاة والسلام-

أتى المؤلف بهذا الحديث في باب القضاء لنستفيد منه أنه لا يصح أن تتولى المرأة القضاء؛ لأننا لو وليناها القضاء لكنا ولينا أمرنا امرأة، فلا يجوز أن تتولى القضاء.

فإن قال قائل: لو حكمها نساء فيما بينهن، مثلا: تنازعت امرأتان وقالتا: الحكم بيننا فلانة، وذهبوا إليها وحكمت أينفذ حكمها؟ لا؛ لأنها غير صالحة للقضاء، والعلماء يقولون: ولو حكم اثنان رجلا صالحا للقضاء فلا ينفذ حكمه، لو أنها تعرف مسألة من باب الصلح وأصلحت فيصح؛ وذلك أن لأن الصلح عن تراض وليس شيئا لازما، فإذا أصلحت بين امرأتين فلا بأس ونقول: جزاها الله خيرا على إصلاحها بين المرأتين.

وهل يصح أن تكون مديرة على مدرسة؟ فيه تفصيل إن كانت المدرسة مدرسة نساء فلا بأس، وفلاح هذه المدرسة بقدر مديرتهم، وإن كانت على رجال فلا يصح؛ لأن عموم "أمرهم" يشمل الأمر العام والخاص.

[التحذير من احتجاب الوالي عن حاجة المسلمين]

١٣٣٧ - وعن أبي مريم الأزدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب عن حاجتهم وفقيرهم؛ احتجب الله دون حاجته». أخرجه أبو داود، والترمذي.

قوله: "من ولاه شيئاً من أمور المسلمين"، "شيئا" نكرة في سياق الشرط فتكون عامة، فيشمل الشيء الكبير والشيء الصغير، "فاحتجب عن حاجتهم" يعني: فلم يقضها، سواء احتجب

<<  <  ج: ص:  >  >>