للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف ننقض الوضوء به ونحن نقول: أن الأصل بقاء الوضوء فلا ينتقض إلا بيقين؟ نقول: لأن هذا النوم مظنة الحدث، وانضباط القضية عليه انضباط العلة غير ممكن وما كان انضباط العلة فيه غير ممكن استوى فيه ظهور العلة وعدمها هاذ وجه المسألة، وأيضا عندنا دليل: حديث صفوان بن عسال السابق يقول: "ولكن من غائط، وبول، ونوم"، فهذا حديث فنأخذ به.

لو قال قائل: إذا زال العقل بغير نوم، كما لو أغمى على الإنسان فهل ينتقض وضوؤه بالقليل والكثير؟ الجواب: نعم؛ لأن الإغماء يفقد فيه الإنسان الإحساس ولا يمكن أن يقول لو أحدث لأحس فالإغماء ينتقض به الوضوء مطلقا؛ ولهذا لو أن رجلا أغمي عليه يوما كاملا وأفاق من الإغماء فإنه لا يلزمه قضاء الصلاة، ولو نام كاملا لزمه قضاء الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها"، وأما الإغماء فلا يجب فيه قضاء الصلاة؛ لأن المغمى عليه لا يمكن أن ينتبه حتى لو نبه وأوقظ لا يمكن أن ينتبه فهو بمنزلة المجنون الذي لا يمكن أن يحس بأحد.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الوضوء لا يجب إلا للصلاة لقوله: "ثم يصلون" لكن الاستدلال هنا ضعيف؛ لأن القضية قضية عين يتحدث عنهم وهم ينتظرون صلاة العشاء لكن هناك أحاديث تدل على أن الوجوب لا يجب إلا للصلاة بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم ساقها شيخ الإسلام رحمه الله في انتصاره لما ذهب إليه من أن الطواف بالبيت لا يشترط له الوضوء، وذكر أدلة إذا طالعها الإنسان تبين له أن هذا هو الحق وأن الطواف بالبيت لا يشترط له الوضوء، وبناء عليه لو أحدث الإنسان في أثناء الطواف فليستمر لو وصل إلى المسجد الحرام في الزحام الشديد وهو لم يتوضأ، نقول: طف ولا نلزمه أن يذهب مع هذه المشقة ليتوضأ، أما إذا كان الأمر ميسرا فلا شك أن الوضوء أفضل احتياطا واتباعا لأكثر العلماء، وأنه إذا انتهى من طوافه فسوف يصلي ركعتين والصلاة يجب لها الوضوء بالإجماع ثم قال:

[عدم جواز صلاة الحائض]

٦٢ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "جاءت فاطمة بنت أبي حيبش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: لا، إنما ذلك عرق وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم، ثم صلي". متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>