- وللبخاري:"ثم توضئي لكل صلاة". وأشار مسلم إلى أنه حذفها عمدا.
قوله:"جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم" لأن النساء يأتين إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام- ويسألنه حتى بحضرة الرجال، حتى إنهن ليقلن الكلام الذي يستحي منه الرجل في حضرة الرجال؛ ولعله مر عليكم قصة عبد الرحمن بن الزبير الذي تزوجته امرأة طلقها زوجها ثلاثا فجاءت تشكو إلى النبي - عليه الصلاة والسلام- وقالت: إن رفاعة القرظي طلقها ثلاثا، وتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإن ما معه مثل هدبة الثوب وأشارت بثوبها - يعني: أنه لا يستطيع الجماع-، فقال:"أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك". وبهذا نعرف أن صوت المرأة ليس بعورة، بل إن القرآن دل على أن صوت المرأة ليس بعورة {فلا تخضعن بالقول}[الأحزاب: ٣٢]. لم يقل: فلا تكملن أو تقلن، وبينهما فرق.
فإن قال قائل: ألم يقل الرسول - عليه الصلاة والسلام- تسبح الرجال وتصفق النساء؟ قلنا: بلى لكن هذا من باب الاحتياط في درء الفتنة؛ لأن المرأة لو سبحت في الصلاة ربما يكون صوتها رخيما وتؤديه على وجه يحصل به الفتنة للمصلين فمنع منه، أما مطلق القول فإنه لا بأس به.
تقول:"إني امرأة أستحاض فلا أطهر"، أستحاض؛ يعني: يشتد مع الحيض، وفرق بين أستحاض وأحيض، الفرق بينهما: أن الاستحاضة كثرة الدم، والحيض أقل يأتي في أوقات معلومة. "فلا أطهر" وظاهر الحديث أنها يأتيها الدم في كل الوقت ولا تطهر "أفأدع الصلاة؟ ". قال:"لا، إنما ذلك عرق" لماذا استفهمت عن ترك الصلاة؟ لأنه من المعلوم أن الحائض لا تصلي وهي تظن أن هذا الدم حيض، فسألت أتدع الصلاة أم لا. قال: لا، تقول:"إني امرأة أستحاض فلا أطهر" أي: يأتيها الحيض بكثرة لأن "أستحاض" فيها حروف زائدة، وقد قيل: إن زيادة المبنى زيادة في المعنى، وهذا ليس بدائم فمثلا: رجل رجال، رجال زائدة في المبنى وهي زائدة في المعنى هذه قاعدة أغلبية، وإلا فقد يكون النقص في المبنى زيادة في المعنى كما لو قلت: شجرة وشجر، شجرة، حروفها أربعة، شجر حروفه ثلاثة، وأيهما أكثر شجرة لكن الغالب أن الزيادة في المبنى زيادة في المعنى، إذن: أستحاض" معناها: تأتيها حيضة كثيرة تستمر معها؛ ولذلك قالت مفسرة هذه الاستحاضة: "فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ " يعني: أتركها،