القول الأول: أنه يجوز بلا كراهة لهذا الحديث، ومنهم من قال: يجوز مع الكراهة، ومنهم من قال: لا يجوز أن ينام الإنسان وهو جنب إلا بوضوء.
أولا: القول بوجوب الوضوء: واستدل القائلون به بأن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: يا رسول الله، أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال:"نعم إذا توضأ فليرقد". فظاهر الحديث أن جواز النوم مشروط بالوضوء، والقول بالوجوب قوي، ولكنه ليس مما يغلب على الظن، أو مما يوجب القطع لحديث عائشة الذي ذكره المؤلف.
القول الثاني: أنه يجوز لكن على الكراهة، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة - رحمهم الله- أنه يجوز النوم على جنابة بلا وضوء، لكن مع الكراهة؛ وكأن قائل هذا القول يريد أن يجمع بين الأدلة، فيكون ظاهر حديث عمر الوجوب، لكن يضعف الوجوبحديث عائشة فيكون وسطا بين الوجوب وعدمه، يعني: وجوب الوضوء وبين عدم الوجوب.
القول الثالث: أنه سنة وليس بواجب؛ لأن كون الرسول - عليه الصلاة والسلام- يتركه يدل على جواز النوم على جنابة بلا وضوء، لكن قد جاءت الأدلة بأنه ينبغي للإنسان ألا ينام إلا علة وضوء كما في حديث البراء بن عازب الطويل أن الرسول - عليه الصلاة والسلام- قال له:"إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة". وهذا من حيث الدليل السمعي، ومن حيث الدليل النظري أنه ينبغي للإنسان أن ينام على طهارة؛ لأن نفسه تفارق البدن لكن ليس فراقا تاما، فينبغي أن يكون على طهارة، والمؤلف رحمه الله كان ينبغي أن يذكر حديث عمر؛ لأنه مهم وهو صحيح ذكره صاحب العمدة، وكذلك ينبغي أيضا أن يذكر حديث أهل السنن في أنه ينبغي للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أن يتوضأ، والله أعلم.
[صفة الاغتسال من الجنابة]
١١١ - وعن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ثم يتوضأ، ثم يأخذ الماء، فيدخل أصابه في أصول الشعر، ثم حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه". متفق عليه، واللفظ لمسلم.