سنة ألفان وأداهما، وكان عنده الألفان الأخيرة حاضرة، فإن له حكم الحر ليس لها أن تنكشف أمامه وإنما تحتجب منه، وهذا من باب الحيطة وسد الذرائع التي قد تُفضي إلى التساهل فيما حرم الله، فإذا كان عنده ما يُؤدي وجب تسليمه والاحتجاب عنه وصار في حكم الأحرار، ولا يجوز التساهل لا له ولا لسيدته.
[دية المكاتب]
١٣٧٥ - وعن ابن عباس (رضي الله عنهما)، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «يؤدي المكاتب بقدر ما عتق منه دية الحر، وبقدر ما رق منه دية العبد». رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي.
قال الشيخ ابن باز (رحمه الله) هذا الحديث: جاء من طرق بعضها مدلس، وله طرق أخرى جيدة من حديث علي عند أحمد معناه: أنه إذا أعتق نصفه يكون دية الحر بالنصف والباقي دية العبد، فإذا عجز المكاتب ولم ينجز النصف وأعتقه سيده فالنصف مثل الحر، وما بقي من في الرق، ولا يكون بين الحديث وما تقدم معارضة؛ لأن لفظ الحديث يقول:«المكاتب عبد ما بقي عليه درهم»، فذاك إذا ما بقي ولم يعتق منه شيء ثم إذا أعتق السيد نصفه أو ثلثه أو ربعه بما أدَّى يؤدي دية الحُر، وما بقي من الرق ولم يسع في تخليص نفسه يكون دية الرق.
[تركة النبي (صلى الله عليه وسلم)]
١٣٧٦ - وعن عمرو بن الحارث أخي جويرية أم المؤمنين (رضي الله عنها) قال: «ما ترك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عند موته درهما ولا دينارا، ولا عبدا ولا أمة، ولا شيئا، إلا بغلته البيضاء، وسلاحه، ,ارضا جعلها صدقة». رواه البخاري.
هذا الحديث دليل على ما كان عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) من تنزهه عن الدنيا وأدناسها وأعراضها، وخلو قلبه وقالبه عن الاشتغال بها؛ لأنه متفرغ للإقبال على تبليغ ما أمر به، وعبادة مولاه، والاشتغال بما يقربه إليه، وما يرضاه، وقولها:«ولا عبدًا ولا أمةً» وقد ثبت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أعتق ثلاثا وستين رقبة فلم يمت وعنده مملوك.
قال الشيخ ابن باز (رحمه الله) في تعليقه على هذا الحديث: هو دليل على أنه (صلى الله عليه وسلم) كان ينفق، كان أجود الناس، وما يأتيه من المال ينفقه في وجوه البر ولهذا لما تُوفي ما ترك شيئًا من المال إلا بغلته البيضاء التي يركبها وسلاحه وأرضا التي كانت في «فدك» جعلها صدقة، وكانت لمصلحة