قوله:«أذنت» أي: رخصت، وهذا لا يدل على تقدم المنع؛ لأن الإذن قد يكون بالقول وقد يكون بالإقرار، فقوله: الإذن، قال:«أذنت لكم»، التحريم أضافه إلى الله ليزيده قوة وقبولا وإذعانا، وإن كان ما حكم به الرسول فهو حكم الله عز وجل لكن هذا أبلغ، لأن الحكم لله والرسول مبلغ، وقوله:«يوم القيامة» هو اليوم الذي يبعث فيه الناس، ويسمى يوم القيامة؛ لأن الناس يقومون فيه من قبورهم لرب العالمين ولأنه يقام فيه الأشهاد:{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر: ٥١]. ولأنه يقام فيه العدل:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}[الأنبياء: ٤٧]. قوله:«فليخل سبيلها»، الرسول منع حتى استمرار الإنسان فيه مع أنهم يقولون: إن الاستدامة أقوى من الابتداء، لكن هنا صارت الاستدامة تبعاً للابتداء. وقوله:«فمن كان عنده ... » إلخ، أي: أن من عنده امرأة عقد عليها عقد استمتاع فليخل سبيلها، ولم يقل الرسول (صلى الله عليه وسلم): فليطلقها، بل قال:«يخل سبيلها» يتركها. ثم قال:«ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا»، وإنما نهى عن أن يأخذوا منهن شيئا؛ لأنهن استحققن ما أعطين بما استحل من فروجهن، هذا يدل على ما دلت عليه الأحاديث السابقة، ويدل على أن الحل منسوخ، وعلى أنه نسخ بأمر الله؛ لأن الله حرمه، وعلى أنه لا يمكن أن يعاد حله، أي: نكاح المتعة لقوله: «إلى يوم القيامة». ويستفاد من هذا الحديث: أن من عقد على شيء عقداً فاسداً فإن الواجب التخلي عنه؛ لقوله:«فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها»، وعلى هذا فلو تبايع الرجلان بيعاً غير صحيح بفقد شرط من شروطه أو بمانع من موانعه فالواجب فسخ هذا البيع والتخلي عنه، بل نقول: الواجب التخلي عنه، ولا نقول: الفسخ، لماذا؟ لأن الفسخ فرع عن صحته وهنا العقد غير صحيح.
[حكم زواج المحلل]
٩٥٥ - وعن ابن مسعود (رضي الله عنه) قال: «لعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المحلل والمحلل له». رواه أحمد، والنسائي، والترمذي وصححه.
-وفي الباب عن علي أخرجه الأربعة إلا النسائي. لابد أن نعرف من هو المحلل؟ المحلل هو الذي يتزوج امرأة مطلقة من زوج سابق