٨٧ - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا تغوط الرجلان فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه ولا يتحدثا. فإن الله يمقت على ذلك". رواه أحمد. وصححه ابن السكن، وابن القطان، وهو معلول.
"تغوط" أي: أراد الغائط، وأصل الغائط: المحل المنخفض من الأرض هذا الأصل، ثم نقل من هذا المسمى إلى قضاء الحاجة، ووجه الارتباط والعلاقة: أن الناس كانوا فيما سبق ليس عندهم كنف في بيوتهم، فإذا أرادوا البراز خرجوا إلى الأماكن المنخفضة يقضون حوائجهم.
فعلى هذا نقول:"تغوط" بمعنى: أراد أن يتغوطا، أي: أرادا أن يقضيا حاجاتهما وسمى قضاء الحاجة بذلك لأنه ينتابه الناس فيما سبق وإلا فالأصل أن الغائط هو المكان المنخفض من الأرض، "فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه" يتوارى؛ أي: يستتر كل واحد عن صاحبه وجوبا أو استحبابا؟ وجوبا فيما إذا كان يؤدي إلى كشف العورة، استحبابا فيما إذا كان لا يؤدي إلى كشف العورة؛ بحيث يكون كل واحد منهما يستدبر الآخر.
قال:"ولا يتحدثا" يعني: يحدث أحدهما صاحبه، "فإن الله يمقت على ذلك"، قوله:"يمقت" المقت أشد البغض، و"على ذلك" أي: على هذا الفعل؛ وهو أن يجلس الرجلان أحدهما إلى الآخر على قضاء الحاجة يتحدثان، ووجه النهي عن ذلك: إن كان مع كشف العورة فالأمر واضح؛ لأن هذه حال سيئة وهيئة مكروهة، وإن كان مع غير ستر العورة فلأنهما إذا صارا يتحدثان سوف يمكثان طويلا على هذه الحال؛ لأن التحدث غالبا يطول بين الناس وينسى الإنسان الحال التي هو عليها؛ فلهذا كان سببا لمقت الله - تبارك وتعالى-.
في هذا الحديث فوائد:
منها: أن الدين الإسلامي دين الأدب والخلق الرفيع؛ لأن هذه الحالة التي ذكرت في الحديث لا شك أنها مخالفة للأدب؛ ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا أراد الرجلان أن يتغوطا فإن السنة أن يبتعد كل واحد منهما عن الآخر حتى لا يراه فضلا عن كونه يرى عورته.