والثالث:"الظل" وهنا أطلق، ولكن ينبغي أن يحمل على ما سبق وهو ظل الناس ليس كل ظل، فزاد أبو داود موضعا ثالثا وهو:"الموارد"، قال:
٨٥ - ولأحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما:"أو نقع ماء" وفيهما ضعف.
"نقع ماء" يشبه الموارد إلا أنه أعم؛ لأن نقع الماء أعم من كونه موردا أو غير مورد؛ لأنه إن كان موردا ففيه جنايتان، وإن كان غير مورد ففيه جناية واحدة، وهو إفساد الماء؛ لأنه إذا خلى الإنسان في نقع ماء فلا شك أن يفسده، إما أن ينجسه إن كان قليلا وإما أن يفسده وإن لم يكن نجسا هذه أربعة.
٨٦ - وأخرج الطبراني النهي عن قضاء الحاجة تحت الأشجار المثمرة.
هذا خامس:"الأشجار المثمرة" أيضا ينهى عن قضاء الحاجة تحتها، لكن بشرط أن تكون الثمرة مقصودة سواء كانت تؤكل أو لا تؤكل، فإن كانت تؤكل ففي قضاء الحاجة تحتها إساءتان الإساءة الأولى إلى من قصدها، والإساءة الثانية إلى تلويث الطعام بالخبث، ومعلوم أن تلويث الطعام بالخبث حرام؛ ولهذا نهى عن الاستجمار بالعظم؛ لأنه زاد إخواننا من الجن، والمراد إذن: الأشجار المثمرة يجب أن نقيدها بالمقصود، أما أشجار مثمرة ثمرتها لا تقصد وتبقى بالأرض لا يأخذها الناس فلا بأس؛ لأنه ليس فيها أذية لأحدكم هذه خمسة، والسادس قال:
- وضفة النهر الجاري. من حديث ابن عمر بسند ضعيف.
- "ضفة النهر الجاري"، يعني: طرفه، وذكر الجاري على أنه وصف كاشف؛ لأن النهر لا يكون إلا جاريا، لكن لو فرضنا أن هذه الأحاديث لم تصح فلدينا القاعدة العامة التي أشرنا إليها أولا وهي: كل موضع يتأذى به المسلمون فإنه لا يجوز أن يتخلى فيه.
- فإن كان هذا الطريق لغير المسلمين فهل يجوز للإنسان أن يتخلى فيه؟
الجواب: ى؛ لأن حديث رواية مسلم "يتخلى في طريق الناس" ولم يقيدها ب"المسلمين"؛ ولأن الدين الإسلامي ليس فيه عدوان وأذية، فما دام بيننا وبين هؤلاء الكفار عهد أو ذمة فإنه لا يحل لنا إيذاءهم، ثم قال المؤلف: